فيكون ذلك هو المراد، وهذا هو خيار القبول، وهذا حمل إبراهيم النخعي رحمه الله تعالى. لا يقال:
هذا أيضا مجاز، لان الثابت قبل قبول الآخر بائع واحد لا متبايعان، لأنا نقول: هذا من المواضع التي تصدق الحقيقة فيها بجزء من معنى اللفظ، ولأنا نفهم من قول القائل زيد وعمرو هناك يتبايعان على وجه التبادر، إلا أنهما (1) مشتغلان بأمر البيع متراضيان فيه، فليكن هو المعنى الحقيقي، والحمل على الحقيقي متعين، فيكون الحديث لنفي توهم أنهما إذا اتفقا على الثمن وتراضيا عليه ثم أوجب أحدهما البيع يلزم الآخر من غير أن يقبل ذلك أصلا للاتفاق والتراضي السابق على أن السمع والقياس معضدان للمذهب. أما السمع فقوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) * (المائدة: 1) وهذا عقد قبل التخيير، وقوله تعالى: * (لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم) * (النساء: 92) وبعد الايجاب والقبول تصدق تجارة عن تراض من غير توقف على التخيير، فقد أباح الله تعالى أكل المشتري قبل التخيير، وقوله تعالى: * (وأشهدوا إذا تبايعتم) * (البقرة: 282) أمر بالترفق بالشهادة حتى لا يقع التجاحد، والبيع يصدق قبل الخيار بعد الايجاب والقبول، فلو ثبت الخيار وعدم اللزوم قبله كان إبطالا لهذه النصوص، وأما القياس فعلى النكاح والخلع والعتق والكتابة كل منها عقد معاوضة يتم بلا خيار المجلس بمجرد اللفظ الدال على الرضا فكذا البيع، وتمامه في المنح والفتح ط. قوله: (مجاز لكون) أي باعتبار ما تؤول إليه عاقبته ط عن المنح مثل إني أراني أعصر خمرا.. قوله: (مجاز الكون) أي باعتبار ما كان عليه من قبل، مثل:
* (وآتوا اليتامى أموالهم) * (النساء: 2). قوله: (وشرط لصحته معرفة قدر مبيع وثمن) ككر حنطة وخمسة دراهم أو أكرار حنطة، فخرج ما لو كان قدر المبيع مجهولا: أي جهالة فاحشة فإنه لا يصح، وقيدنا بالفاحشة لما قالوه لو باعه جميع ما في هذه القرية أو هذه الدار والمشتري لا يعلم ما فيها لا يصح لفحش الجهالة، أما لو باعه جميع في هذا البيت أو الصندوق أو الجوالق فإنه يصح، لان الجهالة يسيرة. قال في القنية: إلا إذا كان يحتاج معه إلى التسليم والتسلم، فإنه يصح بدون معرفة قدر المبيع، كمن أقر أن في يده متاع فلان غصبا أو وديعة ثم اشتراه جاز وإن لم يعرف مقداره ا ه.
ومعرفة الحدود تغني عن معرفة المقدار. ففي البزازية: باعه أرضا وذكر حدودها لأذرعها طولا وعرضا جاز، وكذا إن لم يذكر الحدود، ولم يعرفه المشتري إذا لم يقع بينهما تجاحد، وفيها جهل البائع معرفة المبيع لا يمنع وجهل المشتري يمنع ا ه. وعلى هذا تفرع ما في القنية: لك في يدي أرض خربة لا تساوي شيئا في موضع كذا فبعها مني بستة دراهم فقال بعتها، ولم يعرفها البائع وهي تساوي أكثر من ذلك جاز، ولم يكن ذلك بيع المجهول (2)، لأنه لما قال لك في يدي أرض صار كأنه قال أرض كذا. وفي المجمع: لو باعه نصيبه من دار فعلم العاقدين شرط: أي عند الامام، ويجيزه: أي أبو يوسف مطلقا، وشرط: أي محمد علم المشتري وحده. وفي الخانية: