قلت: وهذا هو الموافق لما سيذكره المصنف في أول كتاب الرهن. قال في المنح هناك: وعن عبد الله بن محمد بن أسلم السمرقندي، وكان من كبار علماء سمرقند: أنه لا يحل له أن ينتفع بشئ منه بوجه من الوجوه وإن أذن له الراهن، لأنه أذن له في الربا لأنه يستوفي دينه كاملا فتبقى له المنفعة فضلا، فتكون ربا، وهذا أمر عظيم.
قلت: وهذا مخالف لعامة المعتبرات من أنه يحل بالاذن إلا أن يحمل على الديانة وما في المعتبرات على الحكم. ثم رأيت في جواهر الفتاوى: إذا كان مشروطا صار قرضا فيه منفعة وهو ربا، وإلا فلا بأس به ا ه ما في المنح ملخصا. وتعقبه الحموي بأن ما كان ربا لا يظهر فيه فرق بين الديانة والقضاء، على أنه لا حاجة إلى التوفيق بعد أن الفتوى على ما تقدم: أي من أنه يباح.
قلت: وما في الجواهر يفيد توفيقا آخر يحمل ما في المعتبرات على غير المشروط، وما مر على المشروط، وهو أولى من إبقاء التنافي. ويؤيده ما ذكروه فيما لو أهدى المستقرض للمقرض إن كانت بشرط كره، وإلا فلا، وأفتى في الخيرية فيمن رهن شجر الزيتون على أن يأكل المرتهن ثمرته نظير صبره بالدين بأنه يضمن. قوله: (دفعته) أي القرض والأولى دفعتها: أي العشرة. قوله: (فأنكر المولى الخ) مفهومه أنه إذا أقر بقبض العبد يلزمه لما في الخانية، ولو أرسل رسولا إلى رجل وقال: ابعث إلي بعشرة دراهم قرضا فبعث بها مع رسوله كان الآمر ضامنا لها إذا أقر أن رسوله قبضها ا ه. قوله: (لأنه أقر أنه قبضها بحق) وهو كونه نائبا عن سيده في القبض. قوله: (ليس له) أي ليس للمقرض أن يطلب منه: أي من القابض إلا حصته من القرض، لأنه قبض الباقي بالوكالة عن رفقته. قوله: (لا بالاستقراض) هذا منصوص عليه، ففي جامع الفصولين: بعث رجلا ليستقرضه فأقرضه فضاع في يده، فلو قال أقرض للمرسل ضمن مرسله، ولو قال: أقرضني للمرسل ضمن رسوله.
والحاصل: أن التوكيل بالاقراض جائز لا بالاستقراض، والرسالة بالاستقراض تجوز، ولو أخرج وكيل الاستقراض كلامه مخرج الرسالة يقع القرض للآمر، ولو مخرج الوكالة بأن أضافه إلى نفسه يقع للوكيل وله منعه عن آمره ا ه.
قلت: والفرق أنه إذا أضاف العقد إلى الموكل بأن قال إن فلانا يطلب منك أن تقرضه كذا صار رسولا والرسول سفير ومعبر، بخلاف ما إذا أضافه بأن قال: أقرضني كذا أو قال: أقرضني لفلان كذا، فإنه يقع لنفسه، ويكون قوله لفلان بمعنى لأجله، وقالوا: إنما لم يصح التوكيل بالاستقراض لأنه توكيل بالتكدي، وهو لا يصح.
قلت: ووجهه أن القرض صلة وتبرع ابتداء فيقع للمستقرض إذا لا تصح النيابة في ذلك فهو نوع من التكدي بمعنى الشحاذة، هذا ما ظهر لي. قوله: (استقراض العجين وزنا يجوز) هو المختار: