(فلا عبرة بغلائه ورخصه) فيه أن الكلام في الكساد، وهو ترك التعامل بالفلوس ونحوها كما قلنا، والغلاء والرخص غيره، وكأنه نظر إلى اتحاد الحكم فصح التفريع. تأمل. وفي كافي الحاكم: لو قال أقرضني دانق حنطة فأقرضه ربع حنطة، فعليه أن يرد مثله، وإذا استقرض عشرة أفلس ثم كسدت لم يكن عليه إلا مثلها في قول أبي حنيفة، وقالا: عليه قيمتها من الفضة يستحسن ذلك. وإن استقرض دانق فلوس أو نصف درهم فلوس ثم رخصت أو غلت لم يكن عليه إلا مثل عدد الذي أخذه.
وكذلك لو قال: أقرضني عشرة دراهم غلة بدينار فأعطاه عشرة دراهم، فعليه مثلها، ولا ينظر إلى غلاء الدراهم ولا إلى رخصها. وكذلك كل ما يكال ويوزن فالقرض فيه جائز، وكذلك ما يعد من البيض والجوز ا ه. وفي الفتاوى الهندية: استقرض حنطة فأعطى مثلها بعد ما تغير سعرها يجبر المقرض على القبول. قوله: (وجعله) أي ما في الفتن من قوله: فعليه مثلها. قوله: (وعند الثاني الخ) حاصله أن الصاحبين اتفقا على وجوب رد القيمة دون المثل، لأنه لما بطل وصف الثمينة بالكساد (1) تعذر رد عينها كما قبضها فيجب رد قيمتها، وظاهر الهداية اختيار قولهما. فتح.
ثم إنهما اختلفا في وقت الضمان: قال في صرف الفتح: وأصله اختلافهما فيمن غصب مثليا فانقطع، فعند أبي يوسف: تجب قيمته يوم الغصب، وعند محمد: يوم القضاء، وقولهما: انظر للمقرض في قول الإمام، لان في رد المثل إضرارا به، ثم قول أبي يوسف: أنظر له أيضا لان قيمته يوم القرض أكثر من يوم الانقطاع وهو أيسر أيضا، فإن ضبط وقت الانقطاع عسر ا ه ملخصا. ولم يذكر حكم الغلاء والرخص، وقدمنا أول البيوع أنه عند أبي يوسف تجب قيمتها يوم القبض أيضا، وعليه الفتوى كما في البزازية والخلاصة، وهذا يؤيد ترجيح قوله في الكساد أيضا، وحكم البيع كالقرض، إلا أنه عند الامام يبطل البيع، وعند أبي يوسف: لا يبطل، وعليه قيمتها يوم البيع في الكساد والرخص والغلاء كما قدمناه أو البيوع. قوله: (فأخذه) بمد الهمزة. أي طلب أخذه منه. قوله: (بالعراق يوم اقتراضه) متعلقان بقوله: قيمته والثاني يغني عن الأول. قوله: (وعند الثالث يوم اختصما) وعبارة الخانية: قيمته بالعراق يوم اختصما، فأفاد أن الواجب قيمته يوم الاختصام التي في بلد القرض، فكان المناسب ذكر قوله بالعراق هنا وإسقاطه من الأول، كما فعله في الذخيرة. قوله: (فيأخذ طعامه) أي مثله في بلد القرض. قوله: (ولو استقرض الطعام الخ) هذه هي المسألة الأولى، وهي ما لو ذهب إلى بلدة غير بلدة القرض وقيمة البلدتين مختلفة، لان العادة أن الطعام في مكة أغلى منه في العراق، وهذه رواية أخرى وهي قول الإمام، كما صرح به في الذخيرة، فإنه ذكر أولا ما مر من حكاية القولين.