أي بعد ما استقام قائما، ومثله ما إذا عاد بعد ما صار إلى القيام أقرب على الرواية الاخر، ولذا قال في البحر: ثم لو عاد في موضع وجوب عدمه اختلفوا في فساد صلاته، فهذه العبارة تصدق على الروايتين. قوله: (لكنه يكون مسيئا) أي ويأثم كما في الفتح، فلو كان إماما لا يعود معه القوم تحقيقا للمخالفة، ويلزمه القيام للحال. شرح المنية عن القنية. قوله: (لتأخير الواجب) الأولى أن يقول: لتأخير الفرض وهو القيام أو لترك الواجب وهو القعود ط. قوله: (حققه الكمال) أي بما حاصله أن ذلك وإن كان لا يحل لكنه بالصحة لا يخل، لما عرف أن زيادة ما دون ركعة لا يفسد، وقواه في شرح المنية بما قدمناه آنفا عن القنية، فإنه يفيد عدم الفساد بالعود، وأيده في البحر أيضا بما في المعراج عن المجتبى: لو عاد بعد الانتصاب مخطئا، قيل يتشهد لنقضه القيام، والصحيح لا، بل يقوم، ولا ينتقض قيامه بقعود لم يؤمر به، كمن نقض الركوع لسورة أخرى لا ينتقض ركوعه ا ه. وبحث فيه في النهر فراجعه. قوله: (وهو الحق بحر) كأن وجهه ما مر عن الفتح، أو ما في المبتغى من أن القول بالفساد غلط لأنه ليس بترك بل هو تأخير، كما لو سها عن السورة فركع فإنه يرفض الركوع ويعود إلى القيام ويقرأ، وكما لو سها عن القنوت فركع فإنه لو عاد وقنت لا تفسد على الأصح ا ه. لكن بحث فيه في البحر بإبداء الفرق، وهو أنه إذا عاد وقرأ السورة صارت فرضا فقد عاد من فرض إلى فرض، وكذا في القنوت، لان له شبهة القرآنية، أو عاد إلى فرض وهو القيام، لان كل فرض طوله يقع فرضا ا ه. وأقره في النهر وشرح المقدسي.
أقول: وفيه نظر، فإن القنوت الذي قيل إنه كان قرآنا فنسخ هو الدعاء المخصوص وهو سنة، فلا يلزم قراءته بل قد يقرأ غيره، وكونه عاد إلى فرض وهو القيام ممنوع بل عاد إلى القيام الذي هو الرفع من الركوع بدليل أن الركوع لم يرتفض بعوده لأجل القنوت، فكان فيه تأخير الفرض لا تركه، فهو مثل عوده إلى القعود في مسألتنا، نعم بحثه في عوده إلى القراءة مسلم، والله أعلم. قوله:
(وهذا في غير المؤتم الخ) أي ما ذكر من منعه عن العود إلى القعود بعد القيام، والخلاف في الفساد لو عاد إنما هو في الامام والمنفرد أما المقتدي الذي سها عن القعود فقام وإمامه قاعد فإنه يلزمه العود، لان قيامه قبل إمامه غير معتبر، فليس في عوده رفض الفرض، بل قال في شرح المنية عن القنية: إن المقتدي لو نسي التشهد في القعدة الأولى فذكر بعدما قام عليه أن يعود ويتشهد، بخلاف الامام والمنفرد للزوم المتابعة، كمن أدرك الامام في القعدة الأولى فقعد معه فقام الامام قبل شروع المسبوق في التشهد فإنه يتشهد تبعا لتشهد إمامه، فكذا هذا ا ه. قوله: (وإن خاف فوت الركعة) أي الثالثة مع الامام ط. قوله: (وظاهره) أي تعليل السراج بأن القعود فرض ط، وكذا تعليل القنية الذي ذكرناه. قوله: (والظاهر أنها واجبة الخ) لم يبين حكمها في السنن، والظاهر السنية لان السنن المطلوبة في الصلاة يستوي فيها الامام والمنفرد والمقتدي غالبا، وقوله: فرض في الفرض معناه أن يأتي بذلك الفرض ولو بعد إتيان الامام لا قبله، وليس المراد المشاركة في جزء منه ط.
قلت: وعلى ما استظهره الشارح تبعا للنهر يشكل العود إلى قراءة التشهد بعد التلبس بالقيام