بدائع. وعلى الأول مشى في البحر والنهر والمنح وتبعهم الشارح، لكن ذكر في الذخيرة عن شرح الجامع لشيخ الاسلام أن الأصح الثاني، ومن معنى قول محمد في الجامع: لغير التجارة، أنها كانت عند المقرض لغير التجارة، وفائدته: أنها إذا ردت عليه عادت لغير التجارة، وأنها لو كانت عند التجارة فردت عليه عادت للتجارة اه. والظاهر أن الثاني مبني على قول أبي يوسف: إن المستقرض لا يملك ما استقرضه إلا بالتصرف وعندهما يملكه بالقبض، حتى لو كان قائما في يده فباعه من المقرض يصح عنده لا عندهما (1)، ولو باعه من أجنبي يصح اتفاقا كما سيأتي تحريره في بابه إن شاء الله تعالى، وعلى قولهما فالوجه للأول، تأمل.
لا يقال: يشكل الأول بأن المستقرض صار مديونا بنظير ما استقرضه، والمديون لا زكاة عليه بقدر دينه، فما فائدة صحة نية التجارة فيه؟ لأنا نقول: فائدتها ضم قيمته إلى النصاب الذي معه، لما سيأتي أن قيمة عروض التجارة تضم إلى النقدين، فإذا كان له مائتا درهم فقط واستقرض خمسة أقفزة للتجارة قيمتها خمسة دراهم مثلا كان مديونا بقدرها وبقي لها نصاب تام فيزكيه، بخلاف ما إذا لم تكن للتجارة فإنه لا زكاة عليه أصلا، لان الدين يصر ف إلى مال الزكاة دون غيره كما مر، فينقص نصاب الدراهم الذي معه فلا يزكيه ولا يزكي الاقفزة، فافهم. قوله: (ولو نوى الخ) محترز قوله: وشرط مقارنتها لعقد التجارة ح. قوله: (كما لو نوى الخ) خرج باشتراط عقد التجارة، وهذا ملحق بالميراث كما مر عن النهر، فلا يصح تعليله باجتماع الحقين كما قدمناه، فافهم. قوله: (كما مر) قبيل قوله: وشرط صحة أدائها ح. قوله: (وكما لو شرى الخ) محترز قوله: بشرط عدم المانع الخ. قوله: (وزرعها) قيد للعشرية لتعلق العشر بالخارج، بخلاف الخراج إلا إذا كان خراج مقاسمة لا موظفا. ومفهومه أنه إذا لم يزرعها تجب زكاة التجارة فيها لعدم وجوب العشر فلم يوجد المانع، أما الخراجية فالمانع موجود وهو الثني وإن عطلت. قوله: (لقيام المانع) وهو الثني. ومفاد التعليل أنه لو زرع البذر في أرضه المملوكة تجب فيه الزكاة، ويخالفه ما في البحر حيث قال في باب زكاة المال: لو اشترى بذرا للتجارة وزرعه فإنه لا زكاة فيه، وإنما فيه العشر لان بذره في الأرض أبطل كونه للتجارة، فكان ذلك كنية الخدمة في عبد التجارة بل أولى، ولو لم يزرعه تجب اه. فإن مفاده سقوط الزكاة عن البذر بالزراعة مطلقا أفاده ط.
تنبيه: ما ذكره الشارح من عدم وجوب الزكاة في الأرض المشرية للتجارة، وإنما فيها العشر أو الخراج للمانع المذكور. قال في البدائع: هو الرواية المشهور عن أصحابنا. وعن محمد أنه تجب الزكاة أيضا، لان زكاة التجارة تجب في الأرض والعشر يجب في الخارج وهما مختلفان، فلا يجتمع الحقان في مال واحد. ووجه ظاهر الرواية أن سبب الوجوب في الكل واحد لأنه يضاف إليها، فيقال عشر الأرض وخراجها وزكاتها، والكل حق الله تعالى وحقوقه تعالى المتعلقة بالأموال النامية لا يجب فيها حقان منها بسبب مال واحد، كزكاة السائمة مع التجارة اه. فافهم.