الأهل وغيرهم في جواز أخذ الزكاة والمنع عنه، فمن كان من أهلها إذا كان محتاجا إليها للتدريس والحفظ والتصحيح فإنه لا يخربها عن الفقر، فله أخذ الزكاة إن كانت فقها أو حديثا أو تفسيرا ولم يفضل عن حاجته نسخ تساوي نصابا، كأن يكون عنده من كل تصنيف نسختان، وقيل ثلاث لان النسختين يحتاج إليهما لتصحيح كل من الأخرى، والمختار الأول: أي كون الزائد على الواحدة فاضلا عن الحاجة، وأما غير الأهل فإنهم يحرمون بالكتب من أخذ الزكاة لتعلق الحرمان بملك قدر نصاب غير محتاج إليه وإن لم يكن ناميا. وأما كتب الطب والنحو والنجوم فمعتبرة في المنع مطلقا.
ونص في الخلاصة على أن كتب الأدب والمصحف الواحد ككتب الفقه، لكن اضطرب كلامه في كتب الأدب، فصرح في باب صدقة الفطر بأنها كالتعبير والطب والنجوم. والذي يقتضيه النظر أن نسخة من النحو أو نسختين على الخلاف لا تعتبر من النصاب. وكذا من أصول الفقه والكلام غير المخلوط بالآراء، بل مقصور على تحقيق الحق من مذهب أهل السنة، إلا أن لا يوجد غير المخلوط لأن هذه من الحوائج الأصلية. أفاده في فتح القدير.
قلت: والذي يقتضيه النظر أيضا أنه إن أريد بالأدب الظرافة كما في القاموس وذلك ككتب الشعر والعروض والتاريخ ونحوه تمنع الاخذ، وإن أريد به آداب النفس كما في المغرب وهو المسمى بعلم الأخلاق كالاحياء للغزالي ونحوه فهو كالفقه لا يمنع، وإن كتب الطب لطبيب يحتاج إلى مطالعتها ومراجعتها لا تمنع لأنها من الحوائج الأصلية كآلات المحترفين، وإن الأهل إذا كان غير محتاج إليها فهو كغير الأهل كما يعلم مما مر، وكذا حافظ قرآن له مصحف لا يحتاجه لان المناط هو الحاجة. قوله: (أو تزيد على نسختين) صوابه على نسخة، لان المختار هو كون الزائد على نسخة واحدة فاضلا عن الحاجة كما قدمناه عن الفتح ومثله في النهر. قوله: (وكذلك آلات المحترفين) أي سواء كانت مما لا تستهلك عينه في الانتفاع كالقدوم والمبرد أو تستهلك، لكن هذا منه ما لا يبقى أثر عينه، كصابون وجرض الغسال، ومنه ما يبقى كعصفر وزعفران لصباغ ودهن وعفص لدباغ فلا زكاة في الأولين، لان ما يأخذه من الأجرة بمقابلة العمل. وفي الأخير الزكاة إذا حال عليه الحول، لان المأخوذ بمقابلة العين كما في الفتح پ قال: وقوارير العطارين ولحم الخيل والحمير المشتراة للتجارة ومقاودها وجلالها إن كان من غرض المشتري بيعها بها ففيها الزكاة وإلا فلا. قوله: (كالعصفر الأولى كالعفص كما في بعض النسخ لأنه المناسب لقوله: لدبغ الجلد. قوله: (وإن حال الحول) أي ولم ينو بها التجارة، بل أمسكه لحرفته. قوله: (فتباع له) أي يجبره القاضي على بيعها لقضاء الدين، وإن أبى باعها عليه. قوله: (ولا في مال مفقود الخ) شروع في مسألة مال الضمار كما يأتي. قوله: (بعدما) أي بعد سنين. قوله: (فلو له بينة لما مضى) أي تجب الزكاة بعد قبضه من الغاصب لممضى من السنين. قال ح: وينبغي أن يجري هنا ما يأتي مصححا عن محمد من أنه لا زكاة فيه، لان البينة قد لا تقبل فيه اه. قال ط: والظاهر على القول