وصرح في التجريد والأسبيجابي والمفتاح بعد اشتراطها أيضا، ووفق في فتح القدير بقوله:
الظاهر اشتراطها فيه لاسقاطها وجوبه عن المكلف لا لتحصيل طهارته هو وشرط صحة الصلاة عليه اه.
وبحث فيه شارح المنية بأن ما مر عن أبي يوسف يفيد أن الفرض فعل الغسل منا، حتى لو غسله لتعليم الغير كفى، وليس فيه ما يفيد اشتراط النية لاسقاط الوجوب بحيث يستحق العقاب بتركها. وقد تقرر في الأصول أن ما وجب لغيره من الافعال الحسية يشترط وجوده لا إيجاده كالسعي والطهارة، نعم لا ينال ثواب العبادة بدونها ه. وأقره الباقاني وأيده بما في المحيط: لو وجد الميت في الماء لا بد من غسله، لان الخطاب يتوجه إلى بني آدم ولم يوجد منهم فعل اه.
فتلخص: أنه لا بد في إسقاط الفرض من الفعل، وأما النية فشرط لتحصيل الثواب ولذا صح تغسيل الذمية زوجها المسلم مع أن النية شرطها الاسلام فيسقط الفرض عنا بفعلنا بدون نية، وهو المتبادر من قول الخانية: أجزأهم ذلك، بقي قول المحيط: لان الخطاب يتوجه إلى بني آدم ظاهره أنه لا يسقط بفعل الملك. ويرد عليه قصة حنظلة غسيل الملائكة. وقد يقال: إن فعلهم ذلك كان بطريق النيابة. تأمل. وسيأتي تحقيقه في باب الشهيد. هذا وقد صرح في أحكام الصغار بأن الصبي إذا غسل الميت جاز اه. ومثله ما سنذكره عن البدائع أنه لو ماتت امرأة من بين رجال ومعهم صبي غير مشتهى علموه الغسل ليغسلها، وبه علم أن البلوغ غير شرط. قوله: (وفي الاختيار الخ) استفيد منه أنه شريعة قديمة وأنه يسقط وإن لم يكن الغاسل مكلفا، ولذا لم يعد أولاد أبينا آدم عليه السلام غسله ط. قوله: (فإن في دارنا الخ) أفاد بذكر التفصيل في المكان بعد انتفاء العلامة أن العلامة مقدمة، وعند فقدها يعتبر المكان في الصحيح لأنه يحصل به غلبة الظن كما في النهر عن البدائع. وفيها أن علامة المسلمون أربعة: الختان، والخضاب، ولبس السواد، وحلق العانة اه.
قلت: في زماننا لبس السواد لم يبق علامة للمسلمين. قوله: (اعتبر الأكثر) أي في الصلاة بقرينة قوله في الاستواء واختلف في الصلاة عليهم قال في الحلية: فإن كان بالمسلمين علامة فلا إشكال في إجراء أحكام المسلمين عليهم، وإلا فلو المسلمين أكثر صلى عليهم وينوي بالدعاء المسلمين، ولو الكفار أكثر. ففي شرح مختصر الطحاوي للاسبيجابي: لا يصلى عليهم، لكن يغسلون ويكفنون ويدفنون في مقابر المشركين اه. قال ط: وكيفية العلم بالأكثر أن يحصى عدد المسلمين ويعلم ما ذهب منهم ويعد الموتى فيظهر الحال. قوله: (واختلف في الصلاة عليهم) فقيل لا يصلى، لان ترك الصلاة على المسلم مشروع في الجملة كالبغاة وقطاع الطرق، فكان أولى من الصلاة على الكافر لأنها غير مشروعة لقوله تعالى: * ((9) ولا تصل على أحد منهم مات أبدا) * (التوبة: 48) وقيل يصلى ويقصد المسلمين، لأنه إن عجز عن التعيين لا يعجز عن القصد كما في البدائع. قال في الحلية: فعلى هذا ينبغي أن يصلى عليهم في الحالة الثانية أيضا: أي حالة ما إذا كان الكفار أكثر، لأنه حيث قصد المسلمين فقط لم يكن مصليا على الكفار، وإلا لم تجز الصلاة عليهم في