على أبي بكر، فبكى واستغفره، والصحابة حينئذ متوفرون لا يسكتون على بدعة إلا إذا شهدت لها س الشرع ولم ينكر أحد منهم الدعاء بل التقديم فقط، وأيضا فإن الدعاء للسلطان على المنابر قد صار الآن من شعار السلطنة، فمن تركه يخشى عليه، ولذا قال بعض العلماء: لو قيل إن الدعاء له واجب لما في تركه من الفتنة غالبا لم يبعد، كما قيل به في قيام الناس بعضهم لبعض. والظاهر أن منع المتقدمين مبني على ما كافي زمانهم من المجازفة في وصفه مثل السلطان العادل الأكرم شاهنشاه الأعظم مالك رقاب الأمم. ففي كتاب الردة من التاترخانية: سأل الصفار: هل يجوز ذلك؟ فقال:
لا، لان بعض ألفاظه كفر وبعضها كذب. وقال أبو منصور: من قال للسلطان الذي بعض أفعاله ظلم: عادل، فهو كافر. وأما شاهنشاه فهو من خصائص الله تعالى بدون وصف الأعظم لا يجوز وصف العباد به، وأما مالك رقاب الأمم فهو كذب اه.
قال في البزازية: فلذا كان أئمة خوارزم يتباعدون عن المحراب يوم العيد والجمعة اه. أما ما اعتيد في زماننا من الدعاء للسلاطين العثمانية أيدهم الله تعالى كسلطان البرين والبحرين وخادم الحرمين الشريفين فلا مانع منه، والله تعالى أعلم. قوله: (في مخدعه) هو الخلوة التي تكون في المسجد، قال السيوطي في حاشيته على سنن أبي داود: المخدع هو البيت الصغير الذي يكون داخل البيت الكبير، وميمه تضم وتفتح اه. وفي القاموس: المخدع كمنبر الخزانة اه مدني. قوله:
(عن يمين المنبر) قيد لمخدعه. قال في البحر: فإن لم يكن ففي جهته أو ناحيته، وتكره صلاته في المحراب قبل الخطبة. قوله: (ولبس السواد) اقتداء بالخلفاء وللتوارث في الاعصار والأمصار. بحر عن الحاوي القدسي.
قلت: الظاهر أن هذا خاص بالخطيب، وإلا فالمنصوص أنه يستحب في الجمعة والعيدين لبس أحسن الثياب. وفي شرح الملتقى من فصل اللباس: ويستحب الأبيض وكذا الأسود لأنه شعار بني العباس، ودخل عليه الصلاة والسلام مكة وعلى رأسه عمامة سوداء اه. وفي رواية لابن عدي:
كان له عمامة سوداء يلبسها في العيدين ويرخيها خلفه. قوله: (وترك السلام) ومن الغريب ما في السراج أنه يستحب للامام إذا صعد المنبر وأقبل على الناس أن يسلم عليهم لأنه استدبرهم في صعوده اه بحر.
قلت: وعبارته في الجوهرة: ويروى أنه لا بأس به لأنه استدبرهم في صعوده. قوله: (وطهارة وستر عورة قائما) جعل الثلاثة في شرح المنية واجبات، مع أنه نفسه صرح في متن الملتقى بسنية الطهارة والقيام كما في كثير من المعتبرات، وأما ستر العور فصرح بأنه سنة أيضا في نور الايضاح والمواهب، وصرح في المجمع وغيره بكراهة ترك الثلاثة، ولعل معنى سنية الستر مع كونه واجبا خارجها ولو في خلوة على الصحيح إلا لغرض صحيح هو الاعتداد بها وعدم وجوب إعادتها لو انكشفت عورته بهبوب ريح ونحوه، وكذا الطهارة من الجنابة واجبة لدخول المسجد ولو بلا خطبة فتصح خطبته وإن أثم لو متعمدا، ويدل على ما قلناه ما في البدائع حيث قال: والطهارة سنة عندنا لا