الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٨٦
لأنه لما كان مقصودا لقمع الشهوة ومخالفة الهوى التحق بالفعل، ويجب أن يبادر بغسل المتنجس عاص بالتنجيس كأن استعمل النجاسة في بدنه بغير عذر خروجا من المعصية، فإن لم يكن عاصيا به فلنحو الصلاة ويندب أن يعجل به فيما عدا ذلك، وظاهر كلامهم أنه لا فرق بين المغلظة وغيرها وهو كذلك، وإن قال الزركشي: ينبغي وجوب المبادرة بالمغلظة مطلقا. قال الأسنوي: والعاصي بالجنابة يحتمل إلحاقه بالعاصي بالتنجيس، والمتجه خلافه لأن الذي عصى به هنا متلبس به بخلافه ثم وإذا غسل فمه المتنجس فليبالغ في الغرغرة ليغسل كل ما في حد الظاهر ولا يبلع طعاما ولا شرابا قبل غسله لئلا يكون آكلا للنجاسة نقله في المجموع عن الشيخ أبي محمد الجويني وأقره. حكم تخلل الخمر (وإذا تخللت الخمرة) أي المحترمة وغيرها والمحترمة: هي التي عصرت بقصد الخلية أو هي التي عصرت لا بقصد الخمرية، وهذا الثاني أولى (بنفسها طهرت) لأن علة النجاسة والتحريم الاسكار وقد زالا، ولان العصير غالبا لا يتخلل إلا بعد التخمر، فلو لم نقل بالطهارة لتعذر اتخاذ خل من الخمر وهو حلال إجماعا ويطهر دنها معها، وإن غلت حتى ارتفعت وتنجس بها ما فوقها منه وتشرب منها للضرورة، وكذا تطهر لو نقلت من شمس إلى ظل أو عكسه أو فتح رأس الدن لزوال الشدة من غير نجاسة خلفتها. (وإن تخللت بطرح شئ فيها) كالبصل والخبز الحار ولو قبل التخمر (لم تطهر) لتنجس المطروح فيها فينجسها بعد انقلابها خلا.
تنبيه: لو عبر بالوقوع بدل الطرح لكان أولى، لئلا يرد عليه ما لو وقع فيها شئ بغير طرح كإلقاء ريح، فإنها لا تطهر معه على الأصح، نعم لو عصر العنب ووقع منه بعض حبات في عصيره لم يمكن الاحتراز عنها ينبغي أنها لا تضر، ولو نزعت العين الطاهرة منها قبل التخلل لم يضر لفقد العلة بخلاف العين النجسة لأن النجس يقبل التنجيس فلا تطهر بالتخلل ولو ارتفعت بلا غليان بل بفعل فاعل لم يطهر الدن، إذ لا ضرورة ولا الخمر لاتصالها بالمرتفع النجس، فلو غمر المرتفع بخمر طهرت بالتخلل ولو بعد جفافه خلافا للبغوي في تقييده بقبل الجفاف، ولو نقلت من دن إلى آخر طهرت بالتخلل بخلاف ما لو أخرجت منه ثم صب فيه عصير فتخمر ثم تخلل. والخمرة هي المتخذة من ماء العنب ويؤخذ من الاقتصار عليها أن النبيذ وهو المتخذ من غير ماء العنب كالتمر لا يطهر بالتخلل، وبه صرح القاضي أبو الطيب لتنجس الماء به حالة الاشتداد فينجسه بعد الانقلاب خلا. وقال البغوي: يطهر. واختاره السبكي وهو المعتمد لأن الماء من ضرورياته، ويدل له ما صرحوا به في باب الربا أنه لو باع خل تمر بخل عنب أو خل زبيب بخل رطب صح، ولو اختلط عصير بخل مغلوب ضر لأنه لقلة الخل فيه يتخمر فيتنجس به بعد تخلله أو بخل غالب فلا يضر، لأن الأصل والظاهر عدم التخمر، وأما المساوي فينبغي إلحاقه بالخل الغالب لما ذكر.
فائدة: الخمر مؤنثة كما استعملها المصنف وقد تذكر على ضعف ويقال فيها خمرة بالتاء على لغة قليلة.
تتمة: قال الحليمي: قد يصير العصير خلا من غير تخمر في ثلاث صور. الأولى: أن يصب في الدن المعتق بالخل. الثانية: أن يصب الخل في العصير فيصير بمخالطته خلا من غير تخمر، لكن محله كما علم مما مر أن لا يكون العصير غالبا. الثالثة إذا تجردت حبات العنب من عناقيده ويملا منها الدن ويطين رأسه ويجوز إمساك ظروف الخمر، والانتفاع بها واستعمالها إذا غسلت وإمساك المحترمة لتصير خلا. وغير المحترمة تجب إراقتها، فلو لم يرقها فتخللت طهرت على الصحيح كما مر.
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب بيان أحكام الطهارة 15
3 فصل في بيان ما يطهر بالدباغ وما يستعمل من الآنية وما يمتنع 25
4 فصل في السواك 30
5 فصل في الوضوء 32
6 فصل في الاستنجاء 48
7 فصل في بيان ما ينتهى به الوضوء 54
8 فصل في موجب الغسل 58
9 فصل في أحكام الغسل 62
10 فصل في الإغتسالات المسنونة 64
11 فصل في المسح على الخفين 66
12 فصل في التيمم 70
13 فصل في إزالة النجاسة 80
14 فصل في الحيض والنفاس والاستحاضة 87
15 كتاب الصلاة 96
16 فصل فيمن تجب عليه الصلاة وفي بيان النوافل 103
17 فصل في شروط الصلاة وأركانها وسننها 110
18 فصل في أركان الصلاة 118
19 فصل فيما يختلف فيه حكم الذكر والأنثى في الصلاة 134
20 فصل فيما يبطل الصلاة 135
21 فصل فيما تشتمل عليه الصلاة وما يجب عند العجز عن القيام 141
22 فصل في سجود السهو في الصلاة 143
23 فصل في بيان الأوقات التي تكره فيها الصلاة بلا سبب 148
24 فصل في صلاة الجماعة 149
25 فصل في صلاة المسافر 157
26 فصل في صلاة الجمعة 162
27 فصل في صلاة العيدين 172
28 فصل في صلاة الكسوف للشمس والخسوف للقمر 174
29 فصل في صلاة الاستسقاء 176
30 فصل في كيفية صلاة الخوف 180
31 فصل فيما يجوز لبسه من الحرير للمحارب وغيره وما لا يجوز 183
32 فصل في الجنازة 184
33 كتاب الزكاة 195
34 فصل في بيان نصاب الإبل وما يجب إخراجه 199
35 فصل في بيان نصاب البقر وما يجب إخراجه 200
36 فصل في بيان نصاب الغنم وما يجب إخراجه 201
37 فصل في زكاة خلطة الأوصاف 202
38 فصل في بيان نصاب الذهب والفضة وما يجب إخراجه 203
39 فصل في بيان نصاب الزروع والثمار وما يجب إخراجه 205
40 فصل في زكاة العروض والمعدن والركاز وما يجب إخراجه 208
41 فصل في زكاة الفطر 209
42 فصل في قسم الصدقات 212
43 كتاب الصيام 215
44 فصل في الاعتكاف 226
45 كتاب الحج 230
46 فصل في محرمات الاحرام وحكم الفوات 237
47 فصل في الدماء الواجبة وما يقوم مقامها 241
48 كتاب البيوع وغيرها من أنواع المعاملات 250
49 فصل في الربا 254
50 فصل في السلم 267
51 فصل في الرهن 272
52 فصل في الحجر 276
53 فصل في الصلح 279
54 فصل في الحوالة 285
55 فصل في الضمان 288
56 فصل في كفالة البدن 290
57 فصل في الشركة 291
58 فصل في الوكالة 294
59 فصل في الاقرار 299
60 فصل في العارية 303
61 فصل في الغصب 306