قبل الوضع على المحل، والأصل في ذلك قوله (ص): إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فاغسلوه سبع مرات أولاهن بالتراب. رواه مسلم. وفي رواية له: وعفروه الثامنة بالتراب أي بأن يصاحب السابعة كما في رواية أبي داود: السابعة بالتراب وفي رواية صححها الترمذي: أولاهن أو آخرهن بالتراب وبين روايتي مسلم تعارض في محل التراب فيتساقطان في تعيين محله، ويكتفي بوجوده في واحدة من السبع كما في رواية الدارقطني: إحداهن بالبطحاء، فنص على اللعاب، وألحق به ما سواه ولان لعابه أشرف فضلاته، وإذا ثبتت نجاسته فغيره من بول وروث وعرق ونحو ذلك أولى.
تنبيه: إذا لم تزل (عين) النجاسة إلا بست غسلات مثلا حسبت واحدة كما صححه النووي ولو أكل لحم نحو كلب لم يجب عليه تسبيع محل الاستنجاء كما نقله الروياني عن النص.
فائدة: حمام غسل داخله كلب ولم يعهد تطهيره واستمر الناس على دخوله والاغتسال فيه مدة طويلة وانتشرت النجاسة في حصر الحمام وفوطه فما تيقن إصابة شئ منه من ذلك فنجس وإلا فطاهر، لأنا لا ننجس بالشك ويطهر الحمام بمرور الماء عليه سبع مرات إحداهن بطفل لأن الطفل يحصل به التتريب كما صرح به جماعة، ولو مضت مدة يحتمل أنه مر عليه ذلك ولو بواسطة الطين الذي في نعال داخليه لم يحكم بنجاسته كما في الهرة إذا أكلت نجاسة وغابت غيبة يحتمل فيها طهارة فمها، ويتعين التراب ولو غبار رمل وإن أفسد الثوب جمعا بين نوعي الطهور، فلا يكفي غيره كأشنان وصابون ويسن جعل التراب في غير الأخيرة، والأولى أولى لعدم احتياجه بعد ذلك إلى تتريب ما يترشرش من جميع الغسلات ولا يكفي تراب نجس ولا مستعمل في حدث ولا يجب تتريب أرض ترابية، إذ لا معنى لتتريب التراب فيكفي تسبيعها بماء وحده، ولو أصاب ثوبه مثلا منها شئ قبل تمام التسبيع لم يجب تتريبه قياسا على ما أصابه من غير الأرض بعد تتريبه، ولو ولغ الكلب في إناء فيه ماء قليل ثم كوثر حتى بلغ قلتين طهر الماء دون الاناء كما نقله البغوي في تهذيبه عن ابن الحداد وأقره فإن كان في الاناء ماء كثير ولم ينقص بولوغه عن القلتين لم ينجس الماء ولا الاناء إن لم يكن الكلب أصاب جرمه الذي لم يصله الماء مع رطوبة أحدهما قاله في المجموع وقضيته أنه لو أصاب ما وصله الماء مما هو فيه لم ينجس وتكون كثرة الماء مانعة من تنجيسه، وبه صرح الإمام وغيره.
تنبيه: هل يجب إراقة الماء الذي تنجس بولوغ الكلب ونحوه أو يندب وجهان أصحهما الثاني، وحديث الامر بإراقته محمول على من أراد استعمال الاناء ولو أدخل كلب رأسه في إناء فيه ماء قليل، فإن خرج فمه جافا لم يحكم بنجاسته أو رطبا فكذا في أصح الوجهين عملا بالأصل ورطوبته يحتمل أنها من لعابه. القول في النجاسة المتوسطة وإزالتها (ويغسل من سائر) أي باقي (النجاسات) المخففة والمتوسطة (مرة) وجوبا تأتي عليه (واحدة) وقد مر دليل ذلك وكيفية الغسل عند قول المصنف وغسل جميع الأبوال والأرواث واجب (والثلاث) وفي بعض النسخ والثلاثة بالتاء (أفضل) أي من الاقتصار على مرة، فيندب أن يغسل غسلتين بعد الغسلة المزيلة لعين النجاسة لتكمل الثلاث، فإن المزيلة للنجاسة واحدة وإن تعددت النجاسة كما مر في غسلات الكلب لاستحباب ذلك عند الشك في النجاسة لحديث: إذا استيقظ أحدكم من نومه فعند تحققها أولى وشمل ذلك المغلظة، وبه صرح صاحب الشامل الصغير فيندب مرتان بعد طهرها. وقال الجيلي: لا يندب ذلك لأن المكبر لا يكبر كما أن المصغر لا يصغر أي فتثلث النجاسة المخففة والمتوسطة دون المغلظة وهذا أوجه. لا يشترط النية في إزالة النجاسة تنبيه: قد علم مما تقرر أن النجاسة لا يشترط في إزالتها نية بخلاف طهارة الحدث لأنها عبادة كسائر العبادات، وهذا من باب التروك كترك الزنا والغصب. وإنما وجبت في الصوم مع أنه من باب التروك