فائدة: تأنيث الدلو أفصح من تذكيره. (القول في حكم زوال التغيير) فإن زال تغيره الحسي أو التقديري بنفسه بأن لم يحدث فيه شئ كأن زال بطول المكث أو بماء انضم إليه بفعل أو غيره أو أخذ منه، والباقي قلتان طهر لزوال سبب التنجيس. فإن زال تغيره بمسك أو نحوه كزعفران أو بتراب لم يطهر، لأنا لا ندري أن أوصاف النجاسة زالت أو غلب عليها ما ذكر فاستترت، ويستثنى من النجس ميتة لا دم لها سائل أصالة بأن لا يسيل دمها عند شق عضو منها في حياتها كزنبور وعقرب ووزغ وذباب وقمل وبرغوث، لا نحو حية وضفدع وفأرة فلا تنجس ماء أو غيره بوقوعها فيه بشرط أن لا يطرحها طارح، ولم تغيره لمشقة الاحتراز عنها ولخبر البخاري: إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه كله ثم لينزعه فإن في أحد جناحيه داء أي وهو اليسار كما قيل وفي الآخر شفاء زاد أبو داود وإنه يتقى بجناحه الذي فيه الداء وقد يفضي غمسه إلى موته، فلو نجس المائع لما أمر به، وقيس بالذباب ما في معناه من كل ميتة لا يسيل دمها، فلو شككنا في سيل دمها امتحن بجنسها فيجرح للحاجة قاله الغزالي في فتاويه، ولو كانت مما يسيل دمها لكن لا دم فيها أو فيها دم لا يسيل لصغرها فلها حكم ما يسيل دمها قاله القاضي أبو الطيب. (القول في النجاسة المعفو عنها) ويستثنى أيضا نجس لا يشاهد بالبصر لقلته كنقطة بول وخمر، وما يعلق بنحو رجل ذباب لعسر الاحتراز عنه فأشبه دم البراغيث. قال الزركشي:
وقياس استثناء دم الكلب من يسير الدم المعفو عنه أن يكون هنا مثله، وقد يفرق بينهما بالمشقة والفرق أوجه ويعفى أيضا عن روث سمك لم يغير الماء، وعن اليسير عرفا من شعر نجس من غير نحو كلب، وعن كثيره من مركوب، وعن قليل دخان نجس وغبار سرجين ونحوه مما تحمله الريح كالذر، وعن حيوان متنجس المنفذ إذا وقع في الماء للمشقة في صونه، ولهذا لا يعفى عن آدمي مستجمر