أو صوف أو ريش أو وبر المأكول فطاهر بالاجماع ولو نتف منها أو انتتف. قال الله تعالى: * (ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين) * وهو محمول على ما أخذ بعد التذكية أو في الحياة على ما هو المعهود، ولو شككنا فيما ذكر هل انفصل من طاهر أو نجس حكمنا بطهارته، لأن الأصل الطهارة. وشككنا في النجاسة والأصل عدمها بخلاف ما لو رأينا قطعة لحم وشككنا هل هي من مذكاة أو لا؟ لأن الأصل عدم التذكية والشعر على العضو المبان نجس إذا كان العضو نجسا تبعا له، والشعر المنفصل من (الآدمي) سواء انفصل منه في حال حياته أم بعد موته طاهر لقوله تعالى: * ( ولقد كرمنا بني آدم) * وقضية التكريم أن لا يحكم بنجاسته بالموت وسواء المسلم وغيره، وأما قوله تعالى: * (إنما المشركون نجس) * فالمراد به نجاسة الاعتقاد أو اجتنابهم كالنجس لا نجاسة الأبدان.
وتحل ميتة السمك والجراد لقوله (ص): أحلت لنا ميتتان ودمان: السمك والجراد والكبد والطحال. ثم اعلم أن الأعيان جماد وحيوان: فالجماد كله طاهر لأنه خلق لمنافع العباد ولو من بعض الوجوه. قال تعالى: * (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا) * وإنما يحصل الانتفاع أو يكمل بالطهارة إلا ما نص الشارع على نجاسته وهو كل مسكر مائع لقوله (ص): كل مسكر خمر وكل خمر حرام وكذا الحيوان كله طاهر لما مر إلا ما استثناه الشارع أيضا وهو: الكلب ولو معلما لخبر مسلم: طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب.
وجه الدلالة أن الطهارة إما لحدث أو خبث أو تكرمة ولا حدث على الاناء ولا تكرمة له، فتعينت طهارة الخبث فثبتت نجاسة فمه وهو أطيب أجزائه، بل هو أطيب الحيوانات نكهة لكثرة ما يلهث فبقيتها أولى، والخنزير لأنه أسوأ حالا من الكلب وفرع كل منهما مع الآخر أو مع غيره من الحيوانات الطاهرة كالمتولد بين ذئب وكلبة تغليبا للنجاسة، وإن الفضلات منها ما يستحيل في باطن الحيوان وهو نجس كدم ولو تحلب من كبد أو طحا لقوله تعالى * (حرمت عليكم الميتة والدم) * أي الدم المسفوح وقيح لأنه دم مستحيل وقئ، وإن لم يتغير وهو الخارج من المعدة لأنه من الفضلات المستحيلة كالبول وجرة وهي بكسر الجيم ما يخرجه البعير أو غيره للاجترار، ومرة وهي بكسر الميم ما في المرارة. وأما الزباد فطاهر. قال في المجموع: لأنه إما لبن سنور بحري كما قاله الماوردي أو عرق سنور بري كما سمعته من ثقات من أهل الخبرة بهذا، ولكن يغلب اختلاطه بما يتساقط من شعره فليحترز عما وجد فيه، فإن الأصح منع أكل البري، وينبغي العفو عن قليل شعره، وأما المسك فهو أطيب الطيب كما رواه مسلم. وفأرته طاهرة، وهي خراج بجانب سرة الظبية كالسلعة فتحتك حتى تلقيها واختلفوا في العنبر، فمنهم من قال: إنه نجس لأنه مستخرج من بطن دويبة لا يؤكل لحمها،