(صيام ثلاثة أيام) متتابعة ويصوم معهم، وذلك قبل ميعاد الخروج فهي به أربعة لأن لكل من هذه المذكورات أثرا في إجابة الدعاء قال تعالى * (ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا) * يكون منع الغيث بترك ذلك، فقد روى البيهقي: ولا منع قوم الزكاة إلا حبس عنهم المطر وفي خبر الترمذي ثلاثة لا ترد دعوتهم الصائم حتى يفطر والإمام العادل والمظلوم وروى البيهقي دعوة الصائم والوالد والمسافر وإذا أمرهم الإمام بالصوم لزمهم امتثال أمره كما أفتى به النووي وسبقه إلى ذلك ابن عبد السلام لقوله تعالى * (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله) * الآية. قال الأسنوي:
والقياس طرده في جميع المأمور به هنا انتهى. ويدل له قولهم في باب الإمامة العظمى تجب طاعة الإمام في أمره ونهيه ما لم يخالف حكم الشرع. واختار الأذرعي عدم وجوب الصوم كما لو أمرهم بالعتق وصدقة التطوع. قال الغزي: وفي القياس نظر لأن ذلك إخراج مال وقد قالوا: إذا أمرهم بالاستسقاء في الجدب وجبت طاعته فيقاس الصوم على الصلاة، فيؤخذ من كلامهما أن الامر بالعتق والصدقة لا يجب امتثاله وهذا هو الظاهر، وإن كان كلامهم في الإمامة شاملا لذلك إذ نفس وجوب الصوم منازع فيه فما بالك بإخراج المال الشاق على أكثر الناس، وإذا قيل بوجوب الصوم وجب فيه تبييت النية كما قاله الأسنوي، وإن اختار الأذرعي عدم الوجوب وقال: يبعد عدم صحة صوم من لم ينو ليلا كل البعد (ثم يخرج بهم) أي بالناس (الإمام) أو نائبه إلى الصحراء حيث لا عذر تأسيا به (ص) ولان الناس يكثرون فلا يسعهم المسجد غالبا. وظاهر كلامهم أنه لا فرق بين مكة وغيرها وإن استثنى بعضهم مكة وبيت المقدس لفضل البقعة وسعتها ولأنا مأمورون بإحضار الصبيان ومأمورون بأن نجنبهم المساجد (في) اليوم الرابع) من صيامهم صياما لحديث ثلاثة لا ترد دعوتهم المتقدم. وينبغي للخارج أن يخفف أكله وشربه تلك الليلة ما أمكن، ويخرجون غير متطيبين ولا متزينين بل (في ثياب بذلة) بكسر الموحدة وسكون المعجمة - أي مهنة - وهو من إضافة الموصوف إلى صفته أي ما يلبس من الثياب في وقت الشغل ومباشرة الخدمة وتصرف الانسان في بيته (و) في (استكانة) أي خشوع وهو حضور القلب وسكون الجوارح وخفض الصوت ويراد به أيضا التذلل (و) في (تضرع) إلى الله تعالى ويسن لهم التواضع في كلامهم ومشيهم وجلوسهم للاتباع، ويتنظفون بالسواك وقطع الروائح الكريهة بالغسل، ويخرجون من طريق ويرجعون في أخرى مشاة في ذهابهم إن لم يشق عليهم لا حفاة مكشوفي الرؤوس، ويخرجون معهم ندبا الصبيان والشيوخ والعجائز ومن لا هيئة له من النساء والخنثى القبيح المنظر كما قاله بعض المتأخرين لأن دعاءهم أقرب إلى الإجابة إذ الكبير أرق قلبا والصغير لا ذنب عليه، ولقوله (ص): وهل ترزقون وتنصرون إلا بضعفائكم رواه البخاري وروي بسند ضعيف لولا شباب خشع وبهائم رتع وشيوخ ركع وأطفال رضع لصب عليكم العذاب صبا ونظم بعضهم ذلك فقال:
لولا عباد للاله ركع * * وصبية من اليتامى رضع ومهملات في الفلاة رتع * * صب عليكم العذاب الأوجع والمراد بالركع الذين انحنت ظهورهم من الكبر وقيل من العبادة، ويسن إخراج البهائم لأن الجدب قد أصابها أيضا. وفي الحديث إن نبيا من الأنبياء خرج ليستسقي وإذا هو بنملة رافعة بعض قوائمها إلى السماء فقال: ارجعوا فقد استجيب لكم من أجل شأن النملة رواه الدارقطني وفي البيان وغيره أن هذا النبي هو سليمان عليه السلام، وأن النملة وقعت على ظهرها ورفعت يديها وقالت:
اللهم أنت خلقتنا فارزقنا وإلا فأهلكنا، قال وروي أنها قالت: اللهم إنا خلق من خلقك