لا غنى لنا عن رزقك فلا تهلكنا بذنوب بني آدم وتقف البهائم معزولة عن الناس، ويفرق بين الأمهات والأولاد حتى يكثر الصياح والضجة والرقة فيكون أقرب إلى الإجابة، ولا يمنع أهل الذمة الحضور لأنهم مسترزقون وفضل الله واسع، وقد يجيبهم استدراجا لهم ويكره إخراجهم للاستسقاء لأنهم ربما كانوا سبب القحط. قال الشافعي: ولا أكره من إخراج صبيانهم ما أكره من إخراج كبارهم لأن ذنوبهم أقل لكن يكره لكفرهم. قال النووي: وهذا يقتضي كفر أطفال الكفار.
وقد اختلف العلماء فيهم إذا ماتوا فقال الأكثرون إنهم في النار وطائفة لا نعلم حكمهم، والمحققون إنهم في الجنة وهو الصحيح المختار لأنهم غير مكلفين وولدوا على الفطرة انتهى. وتحرير هذا أنهم في أحكام الدنيا كفار فلا يصلى عليهم ولا يدفنون في مقابر المسلمين، وفي الآخرة مسلمون فيدخلون الجنة. ويسن لكل أحد ممن يستسقي أن يستشفع بما فعله من خير بأن يذكره في نفسه فيجعله شافعا لأن ذلك لائق بالشدائد كما في خبر الثلاثة الذين أووا في الغار، وأن يستشفع بأهل الصلاح لأن دعاءهم أقرب إلى الإجابة لا سيما أقارب النبي (ص) كما استشفع عمر بالعباس رضي الله عنهما، فقال: اللهم إنما كنا إذا قحطنا، نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا فيسقون. رواه الشيخان. (ويصلي) الإمام (بهم ركعتين) للاتباع رواه الشيخان (كصلاة العيدين) في كيفيتهما من التكبير بعد الافتتاح وقبل التعوذ والقراءة سبعا في الأولى، وخمسا في الثانية برفع يديه ووقوفه بين كل تكبيرتين كآية معتدلة، والقراءة في الأولى جهرا بسورة ق، وفي الثانية * (اقتربت الساعة) * أو * (سبح) * والغاشية قياسا لا نصا، ولا تؤقت بوقت عيد ولا غيره، فتصلى في أي وقت كان من ليل أو نهار لأنها ذات سبب فدارت مع سببها (ثم يخطب) الإمام (بعدهما) أي الركعتين، وتجزئ الخطبتان قبلهما للاتباع رواه أبو داود وغيره، ويبدل تكبيرها باستغفار أولهما فيقول: أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه بدل كل تكبيرة، ويكثر في أثناء الخطبتين من قول * (استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا) * ومن دعاء الكرب، وهو:
لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرضين ورب العرش الكريم. ويتوجه للقبلة من نحو ثلث الخطبة الثانية (ويحول) الخطيب (رداءه) عند استقبال القبلة للتفاؤل بتحويل الحال من الشدة إلى الرخاء، فإن رسول الله (ص) يحب الفأل الحسن وفي رواية لمسلم: وأحب الفأل الصالح ويجعل يمين ردائه يساره وعكسه، (ويجعل أعلاه أسفله) وعكسه، والأول تحويل والثاني تنكيس وذلك للاتباع في الأول، ولهمه (ص) بالثاني فيه، فإنه استسقى وعليه خميصة سوداء فأراد أن يأخذ بأسفلها أعلاها، فلما ثقلت عليه قلبها على عاتقه، ويحصلان معا بجعل الطرف الأسفل الذي على شقه الأيمن على عاتقه الأيسر وعكسه وهذا في الرداء المربع، وأما المدور والمثلث فليس فيه إلا التحويل. قال القمولي: لأنه لا يتهيأ فيه التنكيس، وكذا الرداء الطويل ومراده كغيره أن ذلك متعسر لا متعذر، ويفعل الناس وهم جلوس مثله تبعا له وكل ذلك مندوب (ويكثر) في الخطبتين (من الدعاء) ويبالغ فيه سرا وجهرا، ويرفع الحاضرون أيديهم بالدعاء مشيرين بظهور أكفهم إلى السماء للاتباع، والحكمة فيه أن القصد رفع البلاء بخلاف القاصد حصول شئ (و) من (الاستغفار) والصلاة على النبي (ص) أيضا لأن ذلك أرجى لحصول المقصود (ويدعو) في الخطبة الأولى (بدعاء) سيدنا (رسول الله (ص)) الذي أسنده