وإلا صلاها مخففة وحصلت التحية ولا يزيد على ركعتين بكل حال، فإن لم تحصل تحية المسجد كأن كان في غير المسجد، لم يصل شيئا. فإطلاقهم ومنعهم في الراتبة مع قيام سببها يقتضي أنه لو تذكر في هذا الوقت فرضا لا يأتي به، وأنه لو أتى به لم ينعقد وهو الظاهر كما قاله بعض المتأخرين، أما الداخل في آخر الخطبة فإن غلب على ظنه أنه إن صلاهما فاتته تكبيرة الاحرام مع الإمام لم يصل التحية بل يقف حتى تقام الصلاة، ولا يقعد لئلا يكون جالسا في المسجد قبل التحية. قال ابن الرفعة: ولو صلاها في هذه الحالة استحب للإمام أن يزيد في كلام الخطبة بقدر ما يكملها، وما قاله نص عليه في الام، والمراد بالتخفيف فيما ذكر الاقتصار على الواجبات كما قاله الزركشي لا الاسراع. قال: ويدل له ما ذكروه من أنه إذا ضاق الوقت وأراد الوضوء اقتصر على الواجبات، ويجب أيضا تخفيف الصلاة على من كان فيها عند صعود الخطيب المنبر وجلوسه، ولا تباح لغير الخطيب من الحاضرين نافلة بعد صعوده المنبر وجلوسه وإن لم يسمع الخطبة لاعراضه عنه بالكلية، ونقل فيه الماوردي الاجماع، والفرق بين الكلام حيث لا بأس به. وإن صعد الخطيب المنبر ما لم يبتدئ الخطبة وبين الصلاة حيث تحرم حينئذ أن قطع الكلام هين متى ابتدأ الخطيب الخطبة بخلاف الصلاة فإنه قد يفوته بها سماع أول الخطبة، وإذا حرمت لم تنعقد كما قاله البلقيني لأن الوقت ليس لها.
تتمة: من أدرك مع إمام الجمعة ركعة ولو ملفقة لم تفته الجمعة فيصلي بعد زوال قدوته بمفارقته أو سلامه ركعة. ويسن أن يجهر فيها قال (ص): من أدرك من صلاة الجمعة ركعة فقد أدرك الصلاة، فإن أدرك دون الركعة فاتته الجمعة لمفهوم الخبر فيتم بعد سلام إمامه ظهرا، وينوي وجوبا في اقتدائه جمعة موافقة للإمام، ولان اليأس لم يحصل منها إلا بالسلام. وإذا بطلت صلاة إمام جمعة أو غيرها فخلفه عن قرب مقتد به قبل بطلانها جاز لأن الصلاة بإمامين بالتعاقب جائزة كما في قصة أبي بكر مع النبي (ص) في مرضه، وكذا لو خلفه غير مقتد به في غير جمعة إن لم يخالف إمامه في نظم صلاته ثم إن كان الخليفة في الجمعة أدرك الركعة الأولى تمت جمعة الخليفة والمقتدين وإلا فتتم الجمعة لهم لا له لأنهم أدركوا ركعة كاملة مع الإمام وهو لم يدركها معه فيتمها ظهرا كذا ذكره الشيخان، وقضيته أنه يتمها ظهرا وإن أدرك معه ركوع الثانية وسجودها.
لكن قال البغوي: يتمها جمعة لأنه صلى مع الإمام ركعة، ويراعي المسبوق نظم صلاة الإمام، فإذا تشهد أشار إليهم بما يفهمهم فراغ صلاتهم وانتظارهم له ليسلموا معه أفضل، ومن تخلف عن الإمام لعذر عن سجود فأمكنه على شئ من إنسان أو غيره لزمه السجود لتمكنه منه، فإن لم يمكنه فلينتظر تمكنه منه ندبا ولو في جمعة، ووجوبا في أولى جمعة على ما بحثه الإمام وأقره عليه الشيخان، فإن تمكن منه قبل ركوع إمامه في الثانية سجد، فإن وجده بعد سجوده قائما أو راكعا فكمسبوق، وإن وجده فرغ من ركوعه وافقه فيما هو فيه ثم يصلي ركعة بعده، فإن وجده قد سلم فاتته الجمعة فيتمها ظهرا، وإن تمكن في ركوع إمامه في الثانية فليركع معه ويحسب له ركوعه الأول فركعته ملفقة، فإن سجد على ترتيب صلاة نفسه عالما عامدا بطلت صلاته وإلا فلا تبطل لعذره ولكن لا يحسب له سجوده المذكور لمخالفته الإمام، فإذا سجد ثانيا ولو منفردا حسب هذا السجود، فإن كمل قبل سلام الإمام أدرك الجمعة وإلا فلا.