ولكنا إذا تأملنا صدى هذا الخبر لوجدنا أن عمر رضي الله عنه أنكر عليها وقال " ما كنا لندع كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة لا ندري أصدقت أم كذبت " وقال عروة " لقد عابت عائشة ذلك أشد العيب، وقال إنها كانت في مكان وحش فخيف على ناحيتها " وقال سعيد بن المسيب " تلك امرأة فتنت الناس، إنها كانت لسنة، فوضعت على يدي ابن أم مكتوم الأعمى " ووجه القائلين بعدم وجوب السكنى لها ما قالت هي: بين وبينكم كتاب الله قال تعالى (لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا) فأي أمر يحدث بعد الثلاث فكيف تقولون لا نفقة لها إذا لم تكن حاملا؟ فعلام تحبسونها؟ فكيف تحبس امرأة بغير نفقة؟
* * * وأما قول عمر لا ندع كتاب ربنا، فقال أحمد بن حنبل لا يصدر هذا عن عمر ولكنه قال لا نجيز في ديننا قول امرأة. وهذا مجمع على خلافه، وقد أخذنا بخبر فريعة وهي امرأة، وبرواية عائشة وأزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم في كثير من الأحكام، وصار أهل العلم إلى خبر فاطمة. هذا في كثير من الأحكام مثل سقوط نفقة المبتوتة إذا لم تكن حاملا الخ ما قال فإن كان الموضع الذي طلقها فيه يناسبها للعيش بمفردها لزمها ذلك، كما يلزمه إقرارها لقوله تعالى (لا تخرجوهن من بيوتهن) فإن لم يناسبها فعليه أن يختار لها مسكنا يناسب مثلها، فإن كان في مسكن يملكه الزوج أو يؤجره ويصلح لمثلها اعتدت فيه، فان ضاق عنهما انتقل عنها وتركها لها لأنه يلزم أن تسكن في الموضع الذي كان الزوج يسكن فيه لقوله تعالى (أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم) وقد ذهب أحمد ومن ذكرنا انه لا سكنى للمبتوتة ولا نفقة