وقال أبو حنيفة، يقتل بعبد غيره ولا يقتل بعبد نفسه، فإن قتل حر كافر عبدا مسلما لم يقتل به، لان الحر لا يقتل بالعبد، وإن قتل عبد مسلم حرا كافرا لم يقتل به، لان المسلم لا يقتل بالكافر، وإن قتل عبد عبدا ثم أعتق القاتل وجرح عبد عبد فمات المجروح ثم أعتق الجارح قتل به لأنه كان مساويا له حال الجناية، وإن أعتق الجارح ثم مات المجروح فهل يجب عليه القصاص؟ فيه وجهان كما قلنا في الكافر إذا جرح كافرا فأسلم الجارح ثم مات المجروح. وإن قتل ذمي عبدا ثم لحق الذمي بدار الحرب وأخذه المسلمون واسترقوه لم يقتل به، لأنه كان حين وجوب القصاص حرا فلم يتغير حكمه.
(فرع) وإن قطع مسلم يد ذمي ثم أسلم ثم مات فلا قصاص على المسلم وكذلك إذا قطع حر يد عبد ثم أعتق العبد ثم مات فلا قصاص على الحر، لان القصاص لما سقط في القطع سقط في سرايته، ولان القصاص - معتبرا بحال الجناية - هو غير كاف له، فلم يجب عليه القصاص كما قلنا في الكافر إذا قطع يد الكافر ثم مات المقطوع وأسلم القاطع، وإن قطع مسلم يد مرتد أو يد حربي ثم أسلم المقطوع ثم مات لم يجب على القطاع قود ولا دية، لأنه لم يكن مضمونا حال الجناية. ومن أصحابنا من قال يجب فيه دية مسلم لأنه مسلم حال استقرار الجناية، والأول أصح وإن رمى مسلم إلى ذمي سهما فأسلم ثم وقع به السهم فمات لم يجب به القود ووجب فيه دية مسلم، وفارق جزاء الصيد لأنه مال. فاعتبر فيه حال الإصابة لأنه حال الاستقرار والقود ليس بمال فاعتبر فيه حال الارسال. فإذا أوجبنا الدية في المرتد والحربي إذا أسلما قبل الإصابة وبعد الارسال، فإن أبا إسحاق المروزي قال لا تجب الدية في الحربي وتجب في المرتد، لان الحربي كان له رميه والمرتد ليس له قتله وإنما قتله إلى الامام. ومن أصحابنا من قال لا دية فيهما، والأول هو المنصوص.
وإن قطع مسلم يد مسلم ثم ارتد المجروح ثم أسلم ثم مات من الجراحة فهل يجب على الجارح القود؟ اختلف أصحابنا فيه، فمنهم من قال ينظر فيه فإن أقام في الردة زمانا تسرى فيه الجراحة لم تجب وعليه القود في النفس قولا واحدا لان