قال المصنف رحمه الله تعالى (فصل) وان حلف ليأكلن هذا الرغيف غدا فأكله من الغد بر في يمينه، لأنه فعل ما حلف على فعله، وان ترك أكله في الغد حتى انقضى حنث لأنه فوت المحلوف عليه باختياره، وان أكل نصفه في الغد حنث لأنه قدر على أكل الجميع ولم يفعل، وان أكله في يومه حنث لأنه فوت المحلوف عليه باختياره فحنث كما لو ترك أكله حتى انقضى الغد، وان حلف الرغيف في يومه أو في الغد قبل أن يتمكن من أكله ففيه قولان كالمكره، وان تلف من الغد بعد ما تمكن من أكله ففيه طريقان، من أصحابنا من قال يحنث قولا واحدا، لأنه فوته باختياره.
ومنهم من قال فيه قولان لان جميع الغد وقت للاكل فلم يكن تفويته بفعله فإن حلف ليقضينه حقه عند رأس الشهر مع رأس الشهر فقضاء قبل رؤية الهلال حنث لأنه فوت القضاء باختياره، وإن رأى الهلال ومضى زمان أمكنه فيه القضاء فلم يقضه حنث، لأنه فوت القضاء باختياره، وان أخذ عند رؤية الهلال في كيله وتأخر الفراغ منه لكثرته لم يحنث، لأنه لم يترك القضاء، وان أخر عن أول ليلة الشك ثم بان أنه كان من الشهر ففيه قولان كالناسي والجاهل.
وان قال: والله لأقضين حقه إلى شهر رمضان فلم يقضه حتى دخل الشهر حنث، لأنه ترك ما حلف على فعله من غير ضرر، وان قال والله لأقضين حقه إلى أول الشهر، فقد اختلف أصحابنا فيه، فمنهم من قال حكمها حكم ما لو قال والله لأقضين حقه إلى رمضان، لان لفظ " إلى " للحد والغاية، وان أخر القضاء حتى دخل الشهر حنث.
وقال أبو إسحاق حكمها حكم ما لو قال والله لأقضين حقه عند رأس الشهر وهو ظاهر النص، وان قضاء قبل رؤية الهلال حنث، وان رأى الهلال ومضى وقت يمكن فيه القضاء ثم قضاه حنث، لان " إلى " قد تكون للغاية كقوله عز وجل " ثم أتموا الصيام إلى الليل " وقد تكون بمعنى " مع " كقوله تعالى " من أنصاري إلى الله " والمراد به مع الله: وكقوله عز وجل " وأيديكم إلى المرافق "