(أحدهما) لا يلاعن لما ذكرناه (والثاني) يلاعن، لأنه إذا جاز أن يلاعن لدرء التعزير فيمن لم يثبت زناها فلان يلاعن فيمن ثبت زناها أولى. ومنهم من قال ليست على قولين. وإنما هي على اختلاف حالين، فالموضع الذي قال لا يلاعن إذا كان قد رماها بالزنا مضافا إلى ما قبل الزوجية، مثل ان رماها بالزنا وهما أجنبيان فأقام عليها البينة بذلك ثم تزوجها ورماها بذلك الزنا لأنه كان في الأصل لا يجوز له اللعان لأجله فكذلك في الثاني، والموضع الذي قال: له أن يلاعن إذا رماها بالزنا في حال الزوجية، فحققه عليها بالبينة ثم رماها به ثانيا فله أن يلاعن لأنه كان في الأصل له إسقاط حده باللعان قبل البينة فكذلك بعد البينة (فرع) وإن قذف امرأته بالزنا ولم يقم عليها البينة ولم يلاعن فحد ثم رماها بذلك الزنا فإنه لا يجب عليه الحد، لان القذف هو ما احتمل الصدق والكذب وهذا لا يحتمل إلا الكذب، ولان الحد إنما يراد لدفع العار عن نسب المقذوفة وقد دفع عنه العار بالحد الأول فلا معنى لإقامة الحد ثانيا، ويجب عليه التعزير لأنه آذاها بذلك، والأذى بذلك محرم ولا يلاعن لاسقاط هذا التعزير، لأنه تعزير أذى فهو كالتعزير لأذى الصغيرة التي لا يوطأ مثلها وإن قذف أجنبي أجنبية بالزنا ولم يقم البينة على الزنا فحد القاذف ثم رماها القاذف بذلك ثانيا فإنه لا يجب عليه الحد وإنما يجب عليه التعزير للأذى. وقال بعض الناس يجب عليه حد القذف دليلنا ما روى أن أبا بكرة شهد هو ورجلان معه على المغيرة بن شبعة بالزنا فحدهم عمر رضي الله عنه. ثم قال أبو بكرة للمغيرة: قد كنت زنيت، فهم عمر بجلده فقال له علي رضي الله عنه: إن كنت تريد أن تحده فارجم صاحبك، فأدرك عمر معنى قول علي عليه السلام: إن كنت تجعل هذا قذفا ثانيا فقد تمت الشهادة على المغيرة. وإن كان هو القذف الأول فقد حددته.
(فرع) قال ابن الصباغ في الشامل: إذا قذف الرجل امرأته وثبت عليها الحد بلعانه نظرت - فإن لاعنته - فقد عارض لعانه لعانها فلا يثبت عليها الزنا ولا يجب عليها الحد ولا تزول حصانتها. ومتى قذفها هو أو غيره وجب عليه حد القذف. وإن قذفها ولاعنها ولم تلاعن هي فقد وجب عليها الحد ويسقط احصانها