عقد على عائشة، وأما الدخول بعائشة فكان بعد سودة بالاتفاق، وقد نبه على ذلك ابن الجوزي قوله: وهبت يومها، في رواية البخاري في الهبة: يومها وليلتها وزاد في آخرها تبتغى بذلك رضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولفظ أبى داود (ولقد قالت سودة بنت زمعة حين أسنت وخافت أن يفارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله يومي لعائشة، فقبل ذلك منها، ففيها، وأشباهها نزلت: وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا) الآية.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: فتواردت هذه الروايات على أنها خشيت الطلاق، فوهبت. قال: وأخرج ابن سعد بسند رجاله ثقات من رواية القاسم ابن أبي برة مرسلا، (أن النبي صلى الله عليه وسلم طلقها فقعدت له على طريقه فقالت: والذي بعثك بالحق ما لي في الرجال حاجة، ولكن أحب أن أبعث مع نسائك يوم القيامة، فأنشدك الذي أنزل عليك الكتاب هل طلقتني لموجدة وجدتها على، قال لا، قالت: فأنشدك لما راجعتني، فراجعها، قالت فإني قد جعلت يومي وليلتي لعائشة حبة رسول الله صلى الله عليه وسلم) والرواية المتفق عليها (أن سودة بنت زمعة وهبت يومها لعائشة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم لعائشة يومها ويوم سودة) وقوله (يومها ويوم سودة) لا نزاع أنه يجوز إذا كان يوم الواهبة واليا ليوم الموهوب لها بلا فصل أن يوالي الزوج بين اليومين للموهوب لها، وأما إذا كان بينهما نوبة زوجة أخرى أو زوجات، فقال العلماء انه لا يقدمه عن رتبته في القسم إلا برضا من بقي، وهل يجوز للموهوب لها أن تمتنع عن قبول النوبة الموهوبة فإن كان قد قبل الزوج لم يجز لها الامتناع وإن لم يكن قد قبل لم تكره على ذلك. حكى ذلك في الفتح عن العماء.
وقال في البيان ويجوز للمرأة أن تهب ليلتها لبعض ضرائرها لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج سودة بعد موت خديجة فلما كبرت وأسنت هم النبي صلى الله عليه وسلم بطلاقها فقالت: يا رسول الله لا تطلقني ودعني حتى أحشر في جملة أزواجك وقد وهبت ليلتي لأختي عائشة فتركها، فكان يقسم لكل واحدة ليله ليله ولعائشة ليلتين.