قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) ويجوز للمرأة أن تهب ليلتها لبعض ضرائرها، لما روت عائشة رضي الله عنها، أن سودة وهبت يومها وليلتها لعائشة رضي الله عنها تبتغى بذلك مرضاة رسول الله صلى الله عليه وسلم) ولا يجوز ذلك إلا برضا الزوج، لان حقه ثابت في استمتاعها، فلا تملك نقله إلى غيرها من غير رضاه، ويجوز من غير رضا الموهوب لها لأنه زيادة في حقها، ومتى تقسم لها الليلة الموهوبة؟ فيه وجهان (أحدهما) تضم إلى ليلتها، لأنه اجتمع لها ليلتان فلم يفرق بينهما (والثاني) تقسم لها في الليلة التي كانت للواهبة، لأنها قائمة مقامها فقسم لها في ليلتها، ويجوز أن تهب ليلتها للزوج لان الحق بينهما، فإذا تركت حقها صار للزوج ثم يجعلها الزوج لمن شاء من نسائه، ويجوز أن تهب ليلتها لجميع ضرائرها، فإن كن ثلاثا صار القسم أثلاثا بين الثلاث، وإن وهبت ليلتها ثم رجعت لم يصح الرجوع فيما مضى، لأنه هبة اتصل بها القبض، ويصح في المستقبل لأنها هبة لم يتصل بها القبض.
(فصل) وإن كان له إماء لم يكن لهن حق في القسم، فإن بات عند بعضهن لم يلزمه أن يقضى للباقيات، لأنه لا حق لهن في استمتاع السيد، ولهذا لا يجوز لهن مطالبته بالفيئة إذا حلف أن لا يطأهن، ولا خيار لهن بجبه وتعنينه، والمستحب أن لا يعطلهن لأنه إذا عطلهن لم يأمن أن يفجرن، وإن كان عنده زوجات وإماء فأقام عند الإماء لم يلزمه القضاء للزوجات، لان القضاء يجب بقسم مستحق، وقسم الإماء غير مستحق فلم يجب قضاؤه كما لو بات عند صديق له (الشرح) حديث سودة هذا أخرجه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود وابن سعد وسعيد بن منصور والترمذي وعبد الرزاق وسودة بنت زمعة تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم وهو بمكة بعد موت خديجة عليها السلام ودخل بها وهاجرت معه، ووقع في رواية لمسلم من طريق شريك عن هشام في آخر حديث عائشة، قالت عائشة: وكانت امرأة تزوجها بعدي ومعناه عقد عليها بعد أن