المدة التي أقام معها بعد انقضاء السفر، لان القرعة إنما تسقط القضاء في قسم السفر، وإن كان عنده امرأتان ثم تزوج بامرأتين وزفتا إليه في وقت واحد لزمه أن يقسم لهما حق العقد، ولا يقدم إحداهما من غير قرعة، فإن أراد السفر قبل أن يقسم لهما أقرع بين الجميع فإن خرجت القرعة لإحدى القديمتين سافر بها فإذا قدم قضى حق العقد للجديدتين وان خرجت القرعة لإحدى الجديدتين؟ ويدخل حق العقد في قسم السفر لان القصد من قسم العقد الألفة والاستمتاع. وقد حصل ذلك وهل يلزمه أن يقضى للجديدة الأخرى حق العقد؟ فيه وجهان (أحدهما) لا يلزمه كما لا يلزمه في القسم الدائم (والثاني) يلزمه، وهو قول أبي إسحاق، لأنه سافر بها بعدما استحقت الأخرى حق العقد فلزمه القضاء، كما لو كان عنده أربع نسوة فقسم للثلاث ثم سافر بغير الرابعة بالقرعة قبل قضاء حق الرابعة.
(الشرح) حديث عائشة أخرجه أحمد والبخاري ومسلم وابن ماجة بلفظ (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج سفرا أقرع بين أزواجه فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه) وقد استدل بهذا الحديث على مشرعية القرعة في القسمة بين الشركاء وغير ذلك، والمشهور عن الحنفية والمالكية عدم اعتبار القرعة. قال القاضي عياض: هو مشهور عن مذهب مالك وأصحابه، لأنها من باب الحظر والقمار. وحكى عن الحنفية إجازتها أما جملة الفصل فإنه إذا كان لرجل زوجتان أو أكثر وأراد السفر، كان بالخيار بين أن يسافر وحده ويتركهن في البلد، لان عليه الفقه والكسوة والسكنى دون المقام معهن، كما لو كان بالحضر وانفرد عنهن، وإن أراد أن يسافر بهن جميعا لزمهن ذلك، كما يجوز أن ينتقل من بلد إلى بلد، وإن أراد أن يسافر ببعض نسائه أقرع بينهن لما روت عائشة عليها السلام من إقراع النبي صلى الله عليه وسلم وقد مضى، وهو بالخيار بين أن يكتب الأسماء ويخرج على السفر، والإقامة وبين أن يكتب السفر والإقامة ويخرج على الأسماء.
وإذا خرج السفر على واحدة لم يلزمه المسافرة بها، بل لو أراد أن يدعها ويسافر وحده كان له، وان أراد أن يسافر بغيرها لم يجز، لان ذلك يبطل فائدة