بذلك نفسه، فإذا ظهر من الزوج النشوز بأن منعها ما يجب لها من نفقة وكسوة وقسم وغير ذلك أسكنها الحاكم إلى جنب ثقة عدل ليستوفى لها حقها، إن ادعى كل واحد منهما على صاحبه النشوز بمنع ما يجب عليها أسكنها الحاكم إلى جنب ثقة ليشرف عليهما، فإذا عرف الظالم منهما منعه من الظلم هكذا أفاده العمراني وغيره، فإذا تجاوز الامر حده إلى التشاتم أو الضرب أو تمزيق الثياب بعث الحاكم حكمين ليجمعا بينهما أو يفرقا لقوله تعالى (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها) قال العلامة صديق حسن خان في نيل المرام: فابعثوا الزوجين حكما يحكم بينهما ممن يصلح لذلك عقلا ودينا وإنصافا، وإنما نص الله سبحانه على أن الحكمين يكونا من أهل الزوجين لأنهما أقرب لمعرفة أحوالهما، وإذا لم يوجد من أهل الزوجين من يصلح للحكم بينهما كان الحكمان من غيرهم، وهذا إذا أشكل أمرهما ولم يتبين من هو المسئ منهما، فأما إذا عرف المسئ فإنه يؤخذ لصاحبه الحق منه، وعلى الحكمين أن يسعيا في إصلاح ذات البين جهدهما، فان قدرا على ذلك عملا عليه، وإن أعياهما إصلاح حالهما ورأيا التفريق بينهما جاز لهما ذلك من دون أمر الحاكم ولا توكيل بالفرقة من الزوجين، وبه قال مالك والأوزاعي وإسحاق، وهو مروى عن عثمان وعلى وابن عباس والشعبي والنخعي، وحكاه ابن كثر عن الجمهور، قالوا: لان الله تعالى قال: فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها، وهذا نص من الله على أنهما قاضيان لا وكيلان ولا شاهدان.
وقال الكوفيون وعطاء وابن زيد والحسن وهو أحد قولي الشافعي إن التفريق هو إلى الامام أو الحاكم في البلد، لا إليهما، ما لم يوكلهما الزوجان أو يأمرهما الامام والحاكم، لأنهما رسولان شاهدان فليس إليهما التفريق، ويرشد إلى هذا قوله تعالى: إن يريدا أي الحكمان إصلاحا بين الزوجين يوفق الله بينهما، أي يوقع الموافقة بين الزوجين حتى يعودا إلى الألفة وحسن العشرة والوئام، ومعنى الإرادة خلوص نيتهما وصدق عزمهما لاصلاح ما بين