ثقات ينظرن ما عندها، فإن كانت البكر بالغا فللأب والجد اجبارها على النكاح وان أظهرت الكراهية، وبه قال ابن أبي ليلى وأحمد وإسحاق.
وقال مالك. للأب اجبارها دون الجد، وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري والأوزاعي لا يجوز لاحد اجبارها. دليلنا على مالك أن الجد له تعصيب وولادة فملك اجبار البكر على النكاح كالأب، وعلى أبي حنيفة بقوله صلى الله عليه وسلم (الثيب أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن في نفسها واذنها صماتها) فلما جعل النبي صلى الله عليه وسلم الثيب أحق بنفسها من وليها دل على أن الولي أحق بالبكر، والمراد بالولي هنا الأب والجد بدليل قوله صلى الله عليه وسلم (اليتيمة تستأمر في نفسها، فان صمتت فهو اذنها، وان أبت فلا جواز عليها) رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وصححه، وأراد باليتيمة التي لا أب لها وسماها يتيمة بعد البلوغ استصحابا لاسمها قبل البلوغ، فلما أوجب استئذان اليتيمة دل على أن غير اليتيمة لا تستأذن، ومن لها أب أو جد فليست بيتيمة إذا ثبت هذا فان زوج الأب أو الجد البكر البالغ فالمستحب لهما استئذانها واذنها صماتها للخبر، ولأنها تستحي أن تأذن بالنطق، فإن لم يستأذنها جاز لان النبي صلى الله عليه وسلم قال الثيب أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن فقصد بذلك التفرقة بينهما، فلو قلنا: أن استئذان البكر واجب لما كان بينهما فرق، وان زوج البكر البالغ غير الأب والجد من الأولياء لم يصح حتى يستأذن وهو اجماع لا خلاف فيه، وفى اذنها وجهان.
(أحدهما) لا يحصل الا بنطقها، لان كل من يفتقر نكاحها إلى اذنها افتقر إلى نطقها مع قدرتها على النطق كالثيب وهو المذهب انها إذا استؤذنت فصمتت كان ذلك اذنا منها في النكاح لقوله صلى الله عليه وسلم اليتيمة تستأمر في نفسها فان صمتت فهو اذنها لأنها تستحي ان تأذن بالنطق بخلاف الثيب.
قال العمراني في البيان، قال أصحابنا المتأخرون فان استأذنها وليها أن يزوجها بأقل من مهر مثلها أو بغير نقد البلد وصمتت لم يكن ذلك اذنا منها في ذلك، لان ذلك مال فلا يكون صمتها اذنا فيه، كما لو استأذنها في بيع مالها فصمتت، بخلاف النكاح.