لماذا؟ ألقوله بالمسح الذي لم يقل به أصحاب المذاهب الأربعة؟!
أم لكتابته عن حديث الغدير (1) - في أواخر عمره - وهو ما لا يرضي السلطان كذلك؟ أم لشئ آخر؟
وعلى ضوء ما تقدم عرفت أن المصالح السياسية للسلطان كانت وراء تدوين ما يرتضيه وحذف ما لا يرتضيه، وأن تأصيل المذاهب والقول بمشروعية رأي الجميع وما يقاربها من آراء كانت دعوة حكومية ظهرت سماتها في الفقه والحديث. ومتى أراد الباحث الوقوف على المزيد منها أمكنه الوقوف عليها من خلال استطلاع إجمالي لكتب الفقه والتاريخ.
علما بأن دور السياسة لم يقتصر على تدوين الفقه والحديث، بل إن دورها في تدوين التاريخ ولغة العرب ليس بأقل مما مضى. والباحثون يعرفون هذه الحقيقة. ونحن نعرض هنا عن بيان الآراء صارت تتشعب في لغة العرب نظرا للظروف السياسية والاجتماعية الحاكمة آنذاك، خوفا من الإطالة والخروج عن البحث، بل نكتفي بنقل بعض النصوص عن مشاهير الأعلام ودور السياسة في الفقه وتأصيل المذاهب.
1 - قال الأستاذ جمال الدين الأفغاني:
بأي نص سد باب الاجتهاد، أو أي إمام قال: لا ينبغي لأحد من المسلمين بعدي أن يهتدي بهدي القرآن وصحيح الحديث، أو أن يجد ويجتهد بتوسيع مفهومه والاستنتاج على ما ينطبق على العلوم العصرية وحاجيات الزمان وأحكامه، ولا ينافي جوهر النص. إن الله بعث محمدا رسولا بلسان قومه العربي ليعلمهم ما يريد إفهامهم، وليفهموا منه ما يقوله لهم.
ولا ارتياب بأنه لو فسح في أجل أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد