(والصواب من القول عندنا في ذلك أن الله أمر بعموم مسح الرجلين بالماء في الوضوء، كما أمر بعموم مسح الوجه بالتراب في التيمم. وإذا فعل ذلك بهما المتوضئ كان مستحقا اسم ماسح غاسل، لأن غسلهما إمرار اليد عليهما أو إصابتهما بالماء، ومسحهما إمرار اليد أو ما قام مقام اليد عليهما، فإذا فعل ذلك بهما فاعل فهو غاسل ماسح، ولذلك من احتمال المسح المعنيين اللذين وصفت من العموم والخصوص الذين أحدهما مسح، ببعض والآخر مسح بالجميع اختلفت قراءة القراء في قوله وأرجلكم فنصبها بعضهم توجيها منه ذلك إلى أن الفرض فيهما الغسل وإنكارا منه المسح عليهما مع تظاهر الأخبار عن رسول الله (ص) بعموم مسحهما بالماء. وخفضها بعضهم توجيها منه ذلك إلى أن الفرض فيهما المسح، ولما قلنا في تأويل ذلك أنه معنى به عموم مسح الرجلين بالماء، كره من كره للمتوضئ الاجتزاء بإدخال رجليه في الماء دون مسحهما بيده أو بما قام مقام اليد توجيها منه قوله وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين إلى مسح جميعهما عاما باليد أو بما قام مقام اليد، دون بعضهما مع غسلهما بالماء) (1).
قال ابن الجوزي في المنتظم: كان ابن جرير يرى جواز المسح على القدمين ولا يوجب غسلهما، فلهذا نسب إلى الرفض، وكان قد رفع في حقه أبو بكر بن أبي داود قصة إلى الحاجب يذكر عنه أشياء فأنكرها (2).
انظر كيف يتعاملون مع العلماء ومن يحمل رؤية لا يستسيغها الحكام حتى قيل (بأنه دفن ليلا ولم يؤذن به أحد، واجتمع من لا يحصيهم إلا الله، وصلى على قبره عدة شهور ليلا ونهارا.
وذكر ثابت بن سنان في تاريخه: أنه إنما أخفيت حاله لأن العامة اجتمعوا ومنعوا من دفنه بالنهار وادعوا عليه الرفض، ثم ادعوا عليه الإلحاد) (3).