أمهات المسائل وأصول الحكم والعدالة التي تلاعبت بها الحكومة وأشعلت نار الخلافات والفتن بين المسلمين لأبعاد أنظارهم عما تفعله هي من مساوئ وتحريفات في الدين.
ثم إن سب الشيخين لا يتلائم ومنطق الأمور، ذلك لأن الشيعة كانوا هم المضطهدين الملاحقين المشتومين.. فكيف يمكن تصور صدور هذا السباب منهم وهم في تلك الحالة من المراقبة والحصار؟!
نعم، ينسجم ذلك إذا اعتبرنا قضية السباب غطاء تستر به النظام لإسقاط خصمه وتمرير مخططاته بعيدا عن أنظار المسلمين، وهذا ما ليس بوسع باحث إنكاره.
قال صاحب المنتظم: إن الحكومة إذا أرادت أن تعاقب شيعيا لمذهبه لم تذكر اسم علي، بل تجعل سبب العقوبة إنه شتم أبا بكر وعمر.
وقد كانت الحكومة العباسية قد وضعت الحجر الأساس وأرست قاعدة لا تقبل النقاش والجدل، مفادها تقديم الشيخين على جميع الصحابة.
فقد دخل مالك على المنصور العباسي، فسأله المنصور: من أفضل الناس بعد رسول الله؟
فقال له مالك: أبو بكر وعمر.
فقال المنصور: أصبت، وهذا رأي أمير المؤمنين - يعني نفسه (1).
إن المنصور يريد أن يؤكد للفقهاء التزامه بفكرة تقديم أبي بكر وعمر على سائر الصحابة ومنهم علي بن أبي طالب - وهو المقصود بالذات من هذه الفكرة - لأبعاد فكره ونهجه عن الفقه، ولطرحه فيما إذا تعارض مع رأي الشيخين.
واستمر ذلك النهج أكثر شدة وإغراقا في النزع، فاضطرت الحكومة العباسية إلى تقديم عثمان - رغم قربه من بني أمية - على علي بن أبي طالب - مع قربه منهم، لترسيخ الفقه المطلوب وضرب الفقه العلوي والحركات العلوية.
روى مصعب - تلميذ مالك - إنه سأل مالكا: من أفضل الناس بعد