يستعد للإجابة، وإن قول أبي حنيفة (وما أخل منها بمسألة) ثم قوله (إن أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس) تؤكد على أن الصادق كان أعلم أهل زمانه.
3 - إن جملة (فيجيبني فيقول: أنتم تقولون كذا، وأهل المدينة يقولون كذا، ونحن نقول كذا، فربما تابعنا وربما تابعهم، وربما خالفنا جميعا) تنبئ عن وجود ثلاثة خطوط فكرية في الشريعة:
أ - قول أهل العراق.
ب - قول أهل المدينة.
ج - قول أهل البيت.
وأن مدرستي العراق والمدينة - كما ستعرف - كانتا مدرستين في قبال مدرسة أهل البيت، إذ كان بعضهم يفتي طبق الأثر والآخر طبق الرأي، ولم يكونوا على اختلاف مع السلطة، بل نراهم دوما يخضعون لها ويأمرون بمسايرتها ويرون وجوب إطاعة السلطان برا كان أم فاجرا، ويقولون بجواز الصلاة - وهي عمود الدين - خلفه.
وإن جملة أبي حنيفة (فربما تابعنا، وربما تابعهم، وربما خالفنا جميعا) تؤكد على أن الأحاديث المروية عن النبي (ص) في المدونات ليست جميعها صحيحة النسبة إليه (ص)، فترى الصادق - وهو من أهل البيت - وأهل البيت أدرى بما فيه يوافق أهل العراق لصحة مروياتهم عن رسول الله تارة، ويوافق أهل المدينة لصحة نقلهم عنه (ص) تارة أخرى وفي ثالثة يخالفهم جميعا ويبين موقف أهل بيت الرسالة فيه.
وعليه فإن موافقته لأحد هاتين المدرستين تدل على وجود جذور لمدرسة أهل البيت عندهم. وبه يرد كلام الدكتور محمد كامل حسين في مقدمته لموطأ مالك: (ويروي الشيعة عن طريقه (أي الصادق) أحاديث لا نجدها إلا في كتب الشيعة (1).
كما يرد كلام ابن سعد في طبقاته حيث قال: (إن جميع ما روي عن الباقر لا