أهل تعاطف وبر ومواساة).
ثم أشار إلى اغتصاب أمية الخلافة فقال:
(ورد علينا حقنا، وتدارك بنا أمتنا... (1)) إلى آخر الخطبة.
إن هذه الكلمات التي رددها أبو العباس لا ترجح كفة العباسيين على العلويين، بل تجعلهم جميعا في مستوى واحد، وأن استعانته بالكلام عن السبئية وتعريضه بهم يشير إلى وجود تضاد مفهومي وسياسي بينهم، وأن الخليفة بهجمته هذه على السبئية واستغلاله شرف النسبة إلى رسول الله إنما أراد تصحيح خلافته وإسباغ السمة الشرعية عليها. لكن هنا سؤالا يطرح نفسه:
لو كان العباسيون حقا هم أصحاب الحق الشرعي، فما معنى تلك المواقف التي وقفها جدهم الأول العباس وابنه عبد الله لمصلحة علي؟!! علما بأنا لم نقف على نص واحد يدل على أن الأجداد قد طالبوا بالخلافة لأنفسهم، بل العكس هو القائم الموجود.
فالعباسيون - كما قلنا - استغلوا التعاطف الجماهيري مع أهل البيت لمصلحة دولتهم، وأن عملهم تحت شعار (الرضا من آل محمد) كان يعني انتهاج فقه علي والأخذ بكلام العترة من آله الذي هو امتداد لسنة رسول الله.
فقد جاء من الإشارة إلى هذا الأمر فيما كان العباسيون أيام الثورة يأخذونه من ميثاق وما يطرحونه من تساؤلات، مثل قولهم:
هل فيكم أحد ينكر أن الله بعث محمدا (ص) واصطفاه وبعثه إلى جميع خلقه؟
قالوا: لا.
قال: أفتشكون أن الله أنزل عليه كتابه فيه حلاله وحرامه وشرائعه وأنباؤه، وأخبر بما كان قبله وبما يكون بعده؟
قالوا: لا.
قال: أفتشكون أن الله قبضه إليه بعد أن أدى ما عليه من رسالة ربه؟
قالوا: لا.
قال: أفتظنون أن العلم الذي أنزله إليه رفع معه أو خلفه؟
قالوا: بل خلفه.