والحق أن الثابت في التاريخ هو أن العباس بن عبد المطلب - جد العباسيين الأول - وابنه عبد الله كانوا من الحماة والمدافعين عن علي بن أبي طالب في كل الظروف والمواقف، وإن ما حفظه التاريخ من كلامهم ومواقفهم ليؤكد على أنهم كانوا يؤمنون بخلافة علي، بل كانوا يصرحون بوصاية الرسول لعلي بن أبي طالب.
وقد تناقلت المصادر أن العباس بن عبد المطلب قد تخلف عن بيعة أبي بكر، ولم يشارك في اجتماع السقيفة، بل بقي بجنب علي يجهزان الرسول حتى واروه التراب، دعما لعلي، وأن مواقفه في الشورى - بعد مقتل عمر - وغيرها تؤكد هذه الحقيقة. وهكذا الحال بالنسبة إلى عبد الله بن عباس، فإنه كان من المحامين والمدافعين والمقرين بفضل علي بن أبي طالب وحقه، وأنه وأولاده هم أحق بالأمر من غيرهم وقد نقلت هذه الحقيقة عنه تلويحا وتصريحا في أكثر من موقف وقضية.
وإنا لا نرى ضرورة في تفصيل هذه الأمور ونقتصر فيه على ما دار بين الرشيد وشريك القاضي بحضور المهدي العباسي:
قال الرشيد لشريك القاضي: ما تقول في علي بن أبي طالب؟
قال: ما قال فيه جدك العباس وعبد الله.
قال: وما قالا فيه؟
قال: فأما العباس فمات وعلي عنده أفضل الصحابة، وكان يرى كبراء المهاجرين يسألونه عما ينزل من النوازل، وما احتاج هو (ع) إلى أحد حتى لحق بالله. وأما عبد الله فإنه كان يضرب بين يديه بسيفين، وكان في حروبه رأسا منيعا وقائدا مطاعا. فلو كانت إمامته على جور، كان أول من يقعد عنها أبوك لعلمه بدين الله وفقهه في أحكام الله، فسكت المهدي، ولم يمض بعد هذا المجلس إلا قليلا حتى عزل شريك (1).
لكنا، ماذا نقول عن الأبناء وموقفهم من علي وأبنائه، فحب السلطان وزخارف الدنيا قد أعمى بصائرهم، فنراهم يقدمون الدين فداء للدنيا، والشريعة