أولي الرياسة فيهم، فأرغبه ووعده عن الخليفة بكل ما أحب على أن يحتال لإدريس حتى يقتله، ودفع إليه غالية مسمومة، فحمل ذلك وانصرف من عنده، فأخذ معه صاحبا له وخرج يتغلغل في البلدان حتى وصل إلى إدريس بن عبد الله فمت إليه بمذهبه، وقال: إن السلطان طلبني لما يعلمه من مذهبي فجئتك، فأنس به واجتباه، وكان ذا لسان وعارضة، وكان يجلس في مجلس البربر فيحتج للزيدية ويدعو إلى أهل البيت كما كان يفعل، فحسن موقع ذلك من إدريس إلى أن وجد فرصة لإدريس، فقال له: جعلت فداك، هذه قارورة غالية حملتها إليك من العراق ليس في هذا البلد من هذا الطيب شئ، فقبلها وتغلل بها وشمها وانصرف سليمان إلى صاحبه، وقد أعد فرسين، وخرجا يركضان عليهما.
وسقط إدريس مغشيا عليه من شدة السم، فلم يعلم من بقربه ما قصته، وبعثوا إلى راشد مولاه، فتشاغل به ساعة يعالجه وينظر ما قصته.
فأقام إدريس في غشيته هاته نهاره حتى قضى عشيا، وتبين راشد أمر سليمان فخرج في جماعة يطلبه... (1) الخبر.
كانت هذه إحدى طرق التصفية الجسدية عند الحكام، وقد وقفت على أسلوبهم وكيفية استغلالهم المذهب كسلاح ضد الطالبيين، وإن سليمان بن جرير مع كونه من متكلمي الزيدية البترية وأولي الرياسة فيهم، تراه يدخل ضمن المخطط، وأن جملة سليمان: (إن السلطان طلبني لما يعلمه من مذهبي) فيها إشارة إلى أن فقه الطالبيين هو غير فقه السلطان وأن الحكام استخدموا الشريعة لصالح السياسة ليتعرفوا على الطالبيين وفق ما يؤدونه من العبادات!
ومن خلال موقف سليمان نصل إلى أنه كان من المندسين الفكريين في صفوف الزيدية، ومن ثم استخدمه السلطان للغدر والخيانة.
ونود أن نوضح هنا نقطة ذكرها بعضهم للطعن في الشيعة وهي:
إن الشيعة اجتمعوا إلى زيد وسألوه عن أبي بكر وعمر، وما هو رأيه فيهما؟
أو أنهم سألوه البراءة منهما؟ فأجابهم بخلاف ما أرادوا من الطعن في الشيخين،