فتفرقوا عنه فسماهم الرافضة!
فلفظ الرافضة - على هذا التصور - قد جاء من إطلاق الإمام زيد عليهم هذه التسمية، وذلك لرفضهم الشيخين، لا غير!
الحقيقة أن الشيعة لم يسألوا زيدا عن الشيخين ورأيه فيهما، وخاصة في ذلك الموقف الحرج، بل إن الحكام وأذيالهم كانوا يريدون بث روح الفرقة بين صفوف الإمام زيد، وكان المخطط لهذه المكيدة الوالي يوسف بن عمر.
قال ابن عساكر: (... فخرج زيد في أربعة آلاف بالكوفة، فاحتال عليه بعض من كان يهوى هشاما، فدخلوا عليه..
وقالوا: ما تقول في أبي بكر وعمر؟
فقال زيد: رحم الله أبا بكر وعمر، صاحبي رسول الله، ثم قال: أين كنتم قبل اليوم) (1).
أراد المندسون بإثارتهم هذا السؤال أحد أمرين، وفي كليهما نجاح تلك الخدعة، فهو إما أن يتبرأ زيد من الشيخين ويسئ القول فيهما، فيتخذ ذلك ذريعة لسفك دمه، وتلك وسيلة اتخذها الحكام على طول التاريخ للإطاحة بالعلويين، وإما أن لا يتبرأ، فيثار ضده السؤال: كيف لا يتبرأ زيد ممن ظلم العلويين وغصب حقهم؟ وقد نجحت المؤامرة حقا وتفرق عنه أهل الغدر وذوو الأطماع.
يقول الأستاذ الخربوطلي: (ولجأ يوسف بن عمر إلى الحيلة، فدس لزيد بين أنصاره من يسأله عن رأيه في أبي بكر وعمر... (2)).
وفي الطبري: إن يوسف بن عمر هذا أعطى لبعض جواسيسه الأموال ليتعرف على أصحاب زيد، وإن في قول زيد (أين كنتم قبل اليوم) إشارة إلى أن المخاطبين ليسوا من الشيعة بل هم من أتباع الوالي، لأن الشيعي لا يجهل رأي أهل البيت فيما طرح، وعليه فما معنى إثارة هذا السؤال في ذلك الموقف الحرج، في ساعة حرب وتأهب، وهياج وتحزب؟! كما أنهم يعرفون الجند واختلاطهم