معا لأنه مقر بأن الثانية ظلم من جهة المضمون له فلا يرجع بالظلم على غير الظالم، هذا إذا دفعها بمحضر من المضمون عنه.
فأما إذا دفعها الضامن في غيبة المضمون عنه وأنكر المضمون له فلا يخلو من أحد أمرين: إما أن يكون قد أشهد عليه أو لم يشهد.
فإن لم يشهد عليه فإن القول قوله مع يمينه، فإذا حلف كان له أن يطالب أيهما شاء عند من قال بالتخيير، فإن طالب المضمون عنه فقبض منه ألف درهم فإنما أداه الضامن إلى المضمون له هل يرجع على المضمون عنه؟ ينظر: فإن كذبه كان عليه البينة، والقول قول المضمون عنه مع يمينه، وإن صدقه قالوا يحتمل وجهين:
أحدهما: أنه يرجع على المضمون عنه، وهو الأقوى.
والثاني: لا يرجع به لأنه أمره بالدفع الذي يبرئ ذمته فإذا دفع إليه ولم يشهد عليه فقد دفع دفعا لا يبرئه، وهذا تضييع فلا يستحق الرجوع به.
وأما على قولنا بتحويل الحق إلى الضامن، فمتى دفعه إلى الضامن فقد أدى إلى من يجب دفعه إليه، وليس بينه وبين المضمون عنه معاملة فإن صدقة الضامن فقد برئت ذمته، وإن كذبه كان عليه البينة أو على الضامن اليمين، ومال المضمون عنه في ذمة الضامن، قالوا: هذا إذا طالب المضمون عنه، وأما إذا طالب الضامن بالألف فدفعها إليه فمن قال: يرجع بالألف الأول، رجع هاهنا، ومن قال:
لا يرجع، فهل يرجع هاهنا؟ اختلفوا فمنهم من قال: لا يرجع، لأن الضامن مقر بأن الثاني ظلم بها، ومنهم من قال: يرجع، لأنه قد برئت ذمته بقضاء دين من ماله بأمره ثم اختلفوا بأي الألفين يرجع:
فقال قوم: يرجع بالألف الثانية لأن المطالبة سقطت عنه بها، ومنهم من قال: يرجع بالأولى لأن الدين سقط عنه بها في الباطن وفيما بينه وبين الله عز وجل، هذا إذا لم يشهد عليه.
فإن أشهد عليه نظر: فإن أشهد شاهدين عدلين وكانا حيين أقامهما عليه