فإن ضمن العهدة قبل أن يقبض البائع الثمن لم يصح ذلك، لأنه ضمان ما لم يجب ولا حاجة تدعو إلى تجويزه.
وإذا سلم الثمن إلى البائع ثم طالبه بمن يضمن العهدة إن خرج المبيع مستحقا فهل له ذلك وهل يصح ضمان العهدة أم لا؟ فالصحيح أنه يصح لأنه لا يمنع منه مانع.
إذا ثبت هذا وأنه يجوز فلفظه أن يقول: ضمنت عهدته أو ضمنت عنه أو ضمنت دركه، أو يقول للمشتري: ضمنت خلاصك منه، فمتى أتى بواحد من هذه الألفاظ صح الضمان لأنها موضوعة له، وإن قال: ضمنت خلاصه، لم يصح - يعني خلاص المبيع - لأنه لا يملك المبيع ولا يمكنه تخليصه إلا بابتياعه فيكون ذلك من ضمان البيع وضمان البيع لا يصح.
فإذا ثبت أن ضمان الخلاص لا يصح نظر: فإن كان في المبيع منفردا عن ضمان العهدة أو مع ضمان العهدة كان ذلك شرطا فاسدا ويبطل البيع به، وكذلك إن شرطه في مدة الخيار، لأن مدة الخيار بمنزلة حال العقد.
فأما إذا كان بعد انقطاع الخيار، فإن شرط خلاص المبيع منفردا لم يصح الضمان، وإن شرط مع ضمان العهدة بطل في خلاص المبيع ولا يبطل في ضمان العهدة، كما قلناه في تفريق الصفقة والبيع بحاله: لم يؤثر فيه بلا خلاف، والعهدة وإن كان اسما للصك المكتوب ولا يصح ضمانه فقد صار بعرف الشرع عبارة عن ضمان الثمن حتى إذا أطلق لا يفهم إلا ما قلناه.
إذا ثبت هذا وانعقد الضمان فلا يخلو: إما أن يسلم المبيع للمشتري أو لا يسلم، فإن سلم فلا كلام، وإن لم يسلم لم يخل: أن يكون ذلك بسبب حادث بعد البيع أو مقارن له، فإن كان ذلك بسبب حادث بعد البيع مثل تلف المبيع والإقالة رجع المشتري على البائع بالثمن، وليس له أن يطالب الضامن بالثمن لأنه إنما ضمن الثمن إذا لم يسلم المبيع بسبب الاستحقاق.
وأما إذا كان ذلك بسبب مقارن لم يخل من أحد أمرين: إما أن يكون