بالبيع فهو بالخيار ثلاثا. وقال الشعبي: يوما. وقال البستي: ثلاثة. وقال مالك: إذا علم بالشراء فلم يطلب حتى طال بطلت، والسنة ليست بكثيرة وله أن يأخذ وهذا في الحاضر.
فأما الغائب فلا تبطل شفعته وقال الثوري: إذا لم يطلبها أياما بطلت شفعته، وذكر المعافي عنه ثلاثة أيام. وقال الأوزاعي والليث وعبيد الله بن الحسن والشافعي: إذا لم يطلب حتى علم بطلت.
وقد تقدم بياننا أقوال الشافعي المختلفة في هذه المسألة، وإن كان هذا القول الذي ذكرناه أنفا أظهرها، وقال الشعبي: من بيعت من بيعت شفعته وهو شاهد لم ينكر فلا شفعته له. والذي يدل على صحة مذهبنا الاجماع المتكرر، ويمكن أن يقول ذلك بان الحقوق في أصول الشريعة وفي العقول أيضا لا تبطل بالإمساك عن طلبها، فكيف خرج حق الشفعة عن أصول الأحكام العقلية والشرعية، أ لا ترى أن من لم يطلب وديعته أو لم يطالب بدينه فإن حقه ثابت لا يبطل بالتغافل عن الطلب، فإذا قالوا: هذه حقوق غير متجددة وحق الشفعة متجدد قلنا: نفرضه متجددا لأن من حل له أجل دين فقد تجدد له حق ما كان مستمرا، ومع ذلك لو أخر المطالبة لم يبطل الحق.
وكذلك من مات له قريب واستحق في الحال ميراثه وعلم بذلك ثم لم يطالب بالميراث من هو في يده لم يبطل الحق، ونظائر ذلك أكثر من أن تحصى.
فإن قيل: هذا الذي تذهبون إليه يؤدى إلى الإجحاف بالمشتري لأن المدة إذا تطاولت لم يتمكن المشتري من التصرف في المبيع وهدمه وبنائه وتغييره لأن الشفيع إذا طالبه بالشفعة أمره بإزالة ذلك، وهذا ضرر داخل على المشتري.
قلنا: يمكن أن يتحرز المشتري من هذا الضرر بأن يعرض المبيع على الشفيع ويبذل تسليمه إليه فهو بين أمرين إما أن سلم أو ترك شفعته فيزول الضرر عن المشتري بذلك، وإذا فرط فيما ذكرناه وتصرف من غير أن يفعل ما أشرنا إليه فهو المدخل للضرر على نفسه.
فإن قيل: كيف تدعون أنه ليس في الأصول الشرعية حق يجب على الفور ويسقط بالتأخير، وحق الرد بالعيب يجب على الفور ومتى تأخر بطل؟