قوله الشفعة على عدد الرجال أنها إنما تجب بالشركة وسواء زادت سهام أحد الشريكين على سهام الآخر أو نقصت فالمعتبر إنما هو بالشركاء لا بمبالغ سهامهم. ونحمل لفظ الرجال على الشركاء في الأملاك الكثيرة لا في ملك واحد، ويجوز حمل هذه اللفظة على الشريكين في ملك واحد على أحد وجهين: إما على قول من يجعل أقل الجمع الاثنين أو على سبيل المجاز كما قال تعالى: فإن كان له إخوة.
وتأويل الخبر الثاني داخل فيما ذكرناه، فأما الخبر الذي وجد في روايات أصحابنا أنه إذا سمح بعض الشركاء بحقوقهم من الشفعة فإن لمن لم يسمح بحقه على قدر حقه يمكن أن يكون تأويله أن الوارث لحق الشفعة إذا كانوا جماعة فإن الشفعة عندنا تورث ومتى سمح بعضهم بحقه كانت المطالبة لمن لم يسمح، وهذا لا يدل على أن الشفعة في الأصل تجب لأكثر من شريكين.
فإن قيل: قد ادعيتم إجماع الإمامية وابن الجنيد يخالف في هذه المسألة ويوجب الشفعة مع زيادة الشركاء على اثنين، وأبو جعفر بن بابويه يوجب الشفعة في العقار فيما زاد على الاثنين وإنما الاثنين في الحيوان خاصة على ما حكيتموه عنه في جواب مسائل أهل الموصل التسع الفقهية.
قلنا: إجماع الإمامية قد تقدم الرجلين فلا اعتبار بخلافهما، وقد بينا في مواضع من كتبنا أن خلاف الإمامية إذا تعين في واحد أو جماعة معروفة مشار إليها لم يقع به اعتبار.
مسألة:
ومما انفراد الإمامية به القول: بأنه لا شفعة لكافر على مسلم، وأكثر الفقهاء يوجبون الشفعة للكافر، ولا يفرقون بينه وبين المسلم.
وقد حكى عن ابن حي أنه قال: لا شفعة للذمي في أمصار المسلمين التي ابتدأها المسلمون لأنهم لا يجوز لهم سكناها ولا تملكها ولهم الشفعة في القرى. وانفراد قول الإمامية عن قول ابن حي باق إلا أنه قد حكى عن الشعبي وأحمد بن حنبل أنهما أسقطا شفعة الذمي على المسلم، وهذه منهما موافقة للإمامية.