والذي يدل على صحة مذهبنا بعد الاجماع المتكرر ذكره قوله تعالى: لا يستوي أصحاب النار الجنة، ومعلوم أنه تعالى إنما أراد لا يستوون في الأحكام، والظاهر يقتضي العموم إلا ما أخرجه دليل قاهر.
فإن قيل: أراد في النعيم والعذاب بدلالة قوله: أصحاب الجنة هم الفائزون قلنا: قد بينا في الكلام على أصول الفقه أن تخصيص إحدى الجملتين لا يقتضي تخصيص الأخرى وإن كانت لها متعقبة.
ومما يمكن الاستدلال به أن الأصل انتفاء الشفعة عن المبيعات لأن حق الشفعة حكم شرعي، ولما ثبت حق الشفعة للمسلم على الكافر وللكفار بعضهم على بعض أثبتناه بدليله وبقي الباقي على حكم الأصل.
ومما يمكن أن نعارض به مخالفينا في هذه المسألة ما رووه ووجد في كتبهم عن التي ص من قوله: لا شفعة لكافر، وفي خبر آخر: لا شفعة لذمي على مسلم.
مسألة:
ومما ظن انفراد الإمامية به أن حق الشفعة لا يسقط إلا بأن يصرح الشفيع بإسقاط حقه، ولا يكون مسقطا بكفه في حال علمه عن الطلب، وهذا القول أحد أقوال الشافعي الأربعة لأن له أقوالا أربعة: أحدهما إن طلب الشفعة يجب على الفور، وثانيها أن يثبت إلى ثلاثة أيام، وثالثها أنه يجب على التأبيد إلى أن يصرح بالعفو، وهذا وفاق الشيعة ورابعها أنه ثابت إلى أن يعفو أو يعرض بالعفو.
وحكى أيضا عن شريك أنه قال: إذا علم فلم يطلب فهو أيضا على شفعته، وهذا أيضا موافقة للإمامية وباقي الفقهاء على خلاف ذلك، لأن أبا حنيفة وأصحابه وابن حي يذهبون إلى أنه متى لم يطلبها مكانها بطلت شفعته، وقال الحسن بن زياد: إذا أشهد أنه على شفعته ولم يقم بها ما بينه وبين أن يصل إلى القاضي فقد أبطل شفعته.
قال الحسن: فأما أبو حنيفة فقال ثلاثة أيام. وروى محمد عن أبي حنيفة أنه على شفعته أبدا بعد الشهادة. وقال محمد: إذا تركها بعد الطلب شهرا بطلت وقال أبو يوسف: إذا أمكنه أن يطلب عند القاضي أو يأخذه فلم يفعل بطلت، وقال ابن أبي ليلى: إذا علم