ويمكن أن يقال: أما نقضه على النهاية بوضوء الحائض في زمان حيضها، فلا نسلم أن ذلك يسمى طهارة ونطالبه من أين عرف تسميته بذلك، وإنما يستفاد الوضع من أهل الاصطلاح وهو مفقود، وليس تسميته وضوءا مستلزما تسميته طهارة، لأن الطهر في مقابلة الحيض فلا يجتمعان، فلو صدق عليه اسم الطهارة لصدق على فاعلته في زمان الحيض الطهر.
وأما تصويبه حد المبسوط فوهم فاحش، لأنه في غاية الإجمال بحيث لا يفهم منه شئ على التعيين أصلا، بل هو منطبق بلفظه على كثير مما يفعل في البدن وليس طهارة ولو قال: لم أرد بالمخصوصية ما أشرت إليه، وإنما أردت الوضوء أو الغسل. قلنا: فالتعريف إذا باللفظ الثاني لا الأول وقد كان متشاغلا بتعريف لفظ واحد فصار متشاغلا بعدة ألفاظ لا تدل عليها ألفاظ التعريف ومن الشروط في التحديد تجنب الألفاظ المبهمة. ثم لو زال الطعن في هذا التعريف بالعناية لأمكن في كلام النهاية.
قوله: المراد بقوله: " في البدن مخصوصة " الاحتراز من إزالة النجاسات، إن أراد أن نفس اللفظ دال على ذلك فهو مكابرة وإن أراد أنه يدل مع التفسير كان ذكره تطويلا.
قوله: يستغنى بقولنا: " على وجه مخصوص " عن ذكر الاستباحة وهم أيضا لأن اللفظ لا يدل على ذلك وإنما يدل بالعناية، ولأن الشيخ رحمه الله لا يكتفي بالقربة عن الاستباحة فلم تدل خصوصية الأفعال على قصد الاستباحة.
على أنه لو جاز ذلك لجاز أن يقول: الطهارة أفعال مخصوصة، ويفسر المخصوصة بجميع ما يعتبر في التعريف.
ثم نقول: الخطأ نشأ من ظنهم أن الشيخ رحمه الله قصد تعريف الطهارة نفسها وليس الأمر كذا وإنما قصد تفسير اسم الطهارة بما هو أظهر منه وإن كان