وإن كان معناه موجودا فيه كما إذا أمر إنسان بالقيام في الصلاة ثم اقعد فإن القيام ينسخ في حقه لكن لما كان ذلك معلوما بالعقل لم يسم نسخا وإن كان المعنى موجودا فيه، وربما كان مثل هذا أشبه بإطلاق اسم الشرط.
وأما نقل الفعل من التخيير إلى التضييق فإنه ليس بنسخ للفعل المخير، لأن وجوب فعله باق، وربما كان نسخا لجواز (17) تركه إلى غيره، لأن المنافاة متحققة هناك. وأما نقل الفعل من التضيق إلى التخيير فليس بنسخ بالنسبة إلى المضيق لتحقق وجوبه، بل النسخ وارد على تحريم تركه لتحقق المنافاة.
وأما الزيادة على النص والنقيصة منه فقد اختلف الأصوليون في ذلك، والذي اتضح لي فيه أن الزيادة إن كانت مؤثرة تغييرا في المزيد عليه كان ذلك القدر من التغيير نسخا لتحقق معنى النسخ فيه، وإلا فلا يكون نسخا، فإن التغريب (18) في حق الزاني البكر لم يؤثر تغييرا في الحد، وقولهم: إن النص الأول كان يؤذن بالاكتفاء لا حجة فيه، لأنا نقول: الاكتفاء بما تضمنه النص الأول إن كان معلوما من دلالة لفظية شرعية كانت الزيادة نسخا لتلك الدلالة وإلا لم تكن نسخا.
وأما النقيصة فإنها تكون نسخا لما نقص [لا] لما بقي كالاقتصار في عدة الوفاة بأربعة أشهر وعشرة أيام بعد الحول، فإنه نسخ لما زاد على الأربعة أشهر (19) فإن كان النص الثاني مغيرا للنص الأول أي لما دل على (20) منطوقه كان نسخا وإلا فلا. والله الموفق.