404 - 5 ثم نقول: ومن العلامات المشار إليها انك تعلم الشئ فكأنك ما علمته، وتسمع به وكأنك ما سمعته، وتكونه وكأنك لست هو، وتراه وكأنك ما رأيته، وتملكه وكأنك محتاج إليه، ويحكم عليه يد قدرتك وكأنك طالب له وفقير إليه كما قال الترجمان:
كثر العيان إلى حتى أنه * * صار اليقين من العيان توهما 405 - 5 وقال الترجمان الاخر:
أنكرتهم نفسي وما ذلك * الانكار الا لشدة العرفان 406 - 5 وسبب ذلك سر جمعيتك وكمال كليتك ووحدة ذلك السر وعدم ثبات ما ينطبع في مرآتك الكلية من حيث إن الأشياء والتعينات طائفة حول حقيقتك التي هي مركز دائرة الأشياء، إذ حقيقتك كمرآة كرية مستديرة على رق محيط منشور دائر مشتمل على جميع النقوش، ونسبة الأشياء إلى تلك المرآة المستديرة نسبة نقط محيط الدائرة إلى النقطة التي منها انتشت، فكل منها يحاذيك في مجرد النفس الواحد، وهو يمر عنك في النفس الثاني من زمان المحاذاة والمسامتة، فما يلحقه نسبة أو حقيقة ما من حقائق الكون أو يقف تلك النقطة في مقام المسامتة والمحاذاة منك ومن مرتبتك الا وتلتها نقطة أخرى يخال غير الأولى وهكذا على الدوام.
407 - 5 فان قلت: إذا كان محاذاة كل نقطة في نفس واحد ويمر في النفس الثاني لم يمكن ان يكون للكامل المذكور حسبما يبين معنى جزئيا أو يظهر في صورة جزئية ولا ارتباط بشئ معين والثبات معه، وكل ذلك خلاف الوجود.
408 - 5 قلنا: لولا أن كل شئ فيه كل شئ مع سريان الكامل الغائب في ذات الحق في الصور والعوالم والمراتب جميعها ومع حيطته لها، لم يتمكن من بيان أمر جزئي، لان الجزئية لا تحصل بالمرور على حقيقة واحدة، بل بالثبات على عدة من الحقائق إلى أن يتعين