إليه من قبل، فيظن ان الصورة هو ذلك الانسان، فيحسب ان قد درى وما درى وانى يتصور لمن احتجب في الغيب تعينه وذاته ان يدركه كون؟ ففيه قال من قال رضي الله عنه: تسترت عن دهري بظل جناحه: أي بصورة جزئية ليس وسعه الا ادراكها ولا يدرك عيني الكلى، وحين ادركها يحسب أنه ادركني وليس كذلك. فعيني ترى دهري وليس يراني: فان النور الكلى شأنه ان يرى ولا يرى.
فلو تسأل الأيام ما اسمى ما درت * * وأين مكاني مادرين مكاني 402 - 5 إذ لا اسم ولا مكان لمن احتجب في الغيب بعينه، وهذا هو ما قال في التفسير:
ومنتهى كل ذلك بعد التحقق بهذا الكمال التوغل في درجات الأكملية توغلا يستلزم الاستهلاك في الله، استهلاكا يوجب غيبوبة العبد في غيب ذات ربه وظهور الحق عنه في كل مرتبة من المراتب الإلهية والكونية في كل حال وفعل مما كان ينسب إلى هذا الانسان من حيث انسانيته وكماله الإلهي، أو ينسب إلى ربه من حيث هذا العبد ظهورا يوهم عند أهل الاستبصار انه عنوان الخلافة وحكمها، والامر بعكس ذلك عند الله وعند أهل هذا الشهود العزيز المنال.
403 - 5 ومن حصلت له هذه الحال وشاهد اللحمة النسبية بينه وبين كل شئ وانتهى إلى أن علم أن نسبة الكون كله نسبة الأعضاء الالية والقوى إلى صورته وتعدى مقام السفر إلى الله ومنه إلى خلقه وبقى سفره في الله لا إلى غاية ثم اتخذ الله وكيلا مطلقا، يقول حالتئذ: اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل والولد، وأنت حسبي في سفري فيك والعوض عنى وعن كل شئ ونعم الوكيل أنت على ما خلقت مما كان مضافا إلى علي سبيل الخصوص من ذات أو صفة أو فعل ولوازم كل ذلك وما أضفته إلى أيضا من حيث استخلافك لي على الكون إضافة شاملة، فقم عنا بما شئته منا كيفما شئت وفي كل ما شئت، فكفانا أنت عوضا عنا وعن سوانا، والحمد لله رب العالمين. هذا كلامه.