العين الجزئية، ولم يتمكن أيضا من الثبات مع أمر بصورة مخصوصة أو الارتباط بشئ معين، لما مر ان الخصوصية والتعين يقتضيان اجتماع الحقائق وثباتها، بل مركزيته واجتماع نسب الحقائق فيها كاجتماع نسب نقطة المحيط في المركز بنسبه، فاجتمع صور تلك النسب وحصل به بيان الجزئية وظهور الصورة المخصوصة والارتباط بها - وكذا مرتبته - تلك لشمول حكمها وعموم اثرها للكل صارت مقتضية للتمكن، فمكنته كما من شأنه ان يقتضى المرور والتحول فحولته، فله ان يقيم متى شاء وان يظعن متى شاء وأحب كما قال:
كل شئ أنت فيه حسن * * لا يبالي حسن ما لبسا 409 - 5 فكل من الظعن والإقامة والثبات والمرور في مقامه وبشرط يقتضيه حسن ومشتمل على حكمة بالغة كسائر المتقابلات.
410 - 5 ثم نقول: في مركزية الكامل الموصوفة بالثبات وفلكية الحقائق الموصوفة بالجمع والإحاطة والدوران اسرار يجب التنبيه عليها - وإن كانت مما لا يذاع - إذ حقت الكلمة الإلهية ووجب القول الرباني ولا تبديل لكلمات الله.
411 - 5 وتلك الاسرار: ان لظاهر الانسان الثبات النسبي صورة، أي بالنسبة إلى باطنه، وإن كان كل كون خيالا في الحقيقة، ولباطن الانسان التنوع، اما لروحه وقواه: فإذ لا يزال يتبدل تصوراته وتخيلاته وعزماته وتوجهاته بالأسباب والبواعث، واما لبدنه، فإذ لا يزال يتحلل ويتبدل ما يتحلل، ولظاهر الحق التنوع لأنه: كل يوم هو في شأن (29 - الرحمن) ولباطنه الثبات، لان حقيقته عين الوجود الحق، فالباطن الحق وهو الوجود الاحدى النفسي الرحماني الجامع عين ظاهر الانسان الكامل، والظاهر الحق وهو المتعين من حيث هو متعين عين باطن الانسان المتبدل نسب تعيناته حسب تبدل أسبابها آنا وشأنا.
412 - 5 فالحاصل ان الثابت المحسوس هو الوجود الحق الواجب الوجود والمتبدل هو نسبه الكلية والجزئية المسماة بالماهيات والهويات المتعاقبة على الوجود الاحدى الصوري، فهذا السر هو ما يروى عن المشايخ: ان الحق محسوس والخلق معقول عند الخواص، وعند