354 - 5 ويظهر أيضا حكمك فيه، اما به فمطلقا، واما بك فمن حيث هو وبحسبه لا بحسبك أنت ومن حيث أنت، إذ لا حيثية لك تتخصص بها حينئذ ولا لك أمر يخصك تتحدد به أنت، إذ لا حد لك مع قبولك كل أمر ووصف وظهورك بكل نعت ورسم وحال وحكم، وظهور سلطنتك في كل معلوم وعلم وحادث أو قديم، موجود أو معدوم، قابل للظهور بالوجود في بعض مراتبه أو كلها أو غير قابل، فمتى صرت كذلك مطلقا حصل لك أمور:
355 - 5 الأول انك صرت احديا جامعا للمتناهيات، لكونك عين كل منها بدون العكس، لأنها نسب تعيناتك وأنت أنت فيها لا بالعكس، فالتقابل في نسبك لا فيك، فأنت في ذاتك الخفى بنفسه والجلى بنسبه، وكذا أنت المتسفل العلى والحادث الأزلي والغالب الخفى والعزيز الغنى، وحينئذ تكون للصورة الإلهية المقدسة الغيبية التي هي حضرة أحدية الجمع والوجود عبد الله في دائرة عرصة الكون حسب السيادة الظاهرة، كما كنت عبد الله في القلم الاعلى حسب السيادة الباطنة.
356 - 5 الثاني أن تكون حينئذ محتجبا بربه بعد استخلافه الذاتي به، كما قال عليه وآله السلام: اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل والمال والولد، ومعنى ذاتيته ان الاستخلاف مقتضى الذات في هذه المرتبة، فان مرتبة الكمال فوق مرتبة الاستخلاف ومتضمنة لها كما مر، أو المراد استخلاف الرب إياه كما نطق به الكتاب، فان استخلاف العبد مسبوق به وإن كان سابقا على الكمال، واحتجابه ذلك انما هو وراء سبحات العزة وأشعتها، فان قوله عليه وآله السلام: ان لله تعالى سبعين الف حجاب من نور وظلمة لو كشفها لا حرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره - في حق المحجوبين بالحجب الظلمانية أو النورانية - أعني التعينات الطبيعية أو الروحانية.
357 - 5 وفي النفحات: ان الحجب النورانية هي الأسماء والصفات الوجودية