377 - 5 ثم نقول: واما الثاني من الامرين اللذين بهما ختام الكلام (1) وهو ذكر علامات يظهر بها تزوير قول المبطلين وتنوير حال الكاملين:
378 - 5 فمنها معرفة قدر كل موجود، لأنه يدركه حق الادراك ومرتبته عند الله فيوفيه حقه الذي استحقه من حيث نسبته إلى الله ويعامله بما لو تجلى الحق سبحانه بذاته ظاهرا على العموم لكافة الموجودات لعامله الحق بعين تلك المعاملة وانزله تلك المنزلة التي أنزله فيها هذا الكامل.
379 - 5 وأقول: فمن هذا يتسلق إلى معرفة مرتبة كل موجود عند الله، فان مرتبته عنده هو مرتبته عند هذا الكامل استدلالا بالأثر على المؤثر وبالصورة على الحقيقة، فالعبرة لاعتبار الكامل والتفاته - لا لما يتوهمه الناس انه محمود أو مذموم أو متشرع أو غيره - فان الشريعة طريق الوصول، والحال بعد الوصول هو اللائح للواصل كما قال عليه وآله السلام: أيكم مثلي؟ أبيت عند ربى يطعمني ويسقيني.
380 - 5 ومنها ان يصيب فيما يحكم به، وهذا كالفرع لما قبله، لان الحكم على كل موجود معاملة معه، وقد قلنا معاملته مع كل موجود عين معاملة الحق سبحانه معه - لو تجلى ظاهرا - 381 - 5 ومنها ان لا يضيف إلى نفسه شيئا ابتداء، بل بعد إضافة الحق إياه إليه، وإذا أضاف الحق إليه أمرا ما اضافه إلى نفسه بالوجه الذي قد اضافه ربه إليه، لا متأخرا متنزها عن أصل الإضافة إلى نفسه ولا مبادرا معتديا عن حد الإضافة.
382 - 5 فمن فروع هذا الأصل: ان الحق سبحانه أضاف الأعمال إلى كسب العباد اختيارهم الجزئي الظاهر، فالتنزه عنه بالقول بالجبر كالجمادات تفريط، والاعتداء عن الكسب الذي هو التوجه الجازم - وهو الامر النسبي إلى خلق الأفعال الاختيارية بالقدرة المستقلة كما فعله المعتزلة - افراط.