والظل تبع للمظل، فكل حادث لا بد له من علة حتى ينتهى الامر في الأخير إلى أنه اثر مناسبة من المناسبات العقلية التي تستخرجها الأفلاك باستخراج الأوضاع بالحركات، فإذا تحركت حركة وطلبت بها نسبة عقلية معينة، فلا بد ان يفيض العقل المفارق الهيئة النورية الروحانية أو الظلمانية الجسمانية المناسبة لما يقتضيه الحركة على كل قابل مستعد لتلك النسبة من النفوس والأجسام، فتحدث تلك النسبة على ما يقتضيه الفاعل والقابل، وهو انما يستعد لقبول الفيض بنفوذ أنوار الكواكب في الاجرام لدى الأوضاع المختلفة، وهو المراد بتأثير الاجرام الفلكية - ذكرها الشيرازي في شرح الاشراق - ومنه يعلم أن لروح العرش وحركته وصورته لا سيما باعتبار انه محدد الجهات اثرا في تعين روح الكرسي وحركته وصورته في جميع ما يحويه.
649 - 4 القاعدة الثانية: ان قوة التأثير بحسب كمال المؤثر وجودا أو ذاتا أو بالوجوب أو نورية أو صفة أزلية على الاصطلاحات، فالتأثيرات الإلهية ومقدوراته لا تتناهى من كل وجه ولا يتسلط عليها بالإحاطة شئ، اما تأثيرات العقول التي هي الأنوار القاهرة فمتناهية، بمعنى ان ورائه ما هو أتم منه، وان من جملة التأثيرات ما لا يسعها وسعهم كأنفسهم، وغير متناهية، بمعنى انقطاع اثارهم بالكلية، فان لها صلوح ان يحصل منها اثار غير متناهية، لقيام البرهان على دوام العقول والنفوس والأفلاك الأربعة بما يلزمها من الحركات الدورية والمدد الزمانية بما مر في الأصول: ان الأثر إذا لم يتوقف على غير المؤثر يدوم بدوامه، وإذا توقف على شرط يدوم حسب دوام الشرط.
650 - 4 فالعقل الأول لا يتوقف على غير الحق، إذ لا غير عند عدم جميع ما سوى الحق من وقت وغيره، ولا ترجح لوجود الممكن في العدم المحض، لان الفاعل بدون القابل مقدمة واحدة لا تنتج، فلا يمكن ان يقال للمختار ان يختار الفعل في أي وقت شاء، ولو ترجح بشئ ننقل الكلام إليه ويتسلسل، اما تسلسل الدوائم وهو محال، واما تسلسل الحوادث المتعاقبة فذاك، وكذا كل عقل لعدم توقف وجود العقول الا على وجود العقل، وكذا النفس