643 - 4 ثم هذه الطبقة العرضية قسمان: أحدهما يحصل من جهة المشاهدات وثانيهما من جهة الاشراقات الحاصلتين من الطبقة الطولية، ولان الأنوار الحاصلة من المشاهدات أشرف من الحاصلة من الاشراقات، وكان العالم المثالي أشرف من العالم الحسى، وجب صدور عالم المثال عن الأنوار المشاهدية وعالم الحس عن الاشراقية، إذ الأشرف علة للأشرف والأخس للأخس - على ما في كل واحد من العالمين من التكافؤ - فان كل ما في عالم الحس من الأفلاك والكواكب والعناصر ومركباتها والنفوس المتعلقة بها يوجد مثله في عالم المثال، وكما أنه لا بد في الأنوار الاشراقية من نور هو اعظمها نورية وعشقا وهو علة الفلك الاعلى الحسى، كذلك لا بد ان يكون في الأنوار المشاهدية نور هو اعظمها وهو علة الفلك الاعلى المثالي، وكما أن الفلك المحيط بكل واحد من العالمين لا يكافئه شئ مما تحته ولا يدانيه - بل هو أكمل الأجسام وقاهرها - فكذا يكون حكم علية العقلية بالنسبة إلى أرباب الأصنام التي في الطبقة العرضية.
644 - 4 وأقول: قد اتضح من هذا المنقول عدة اسرار كلمات الشيخ قدس سره:
645 - 4 الأول ما قال: إن اجتماع الأرواح النورية ينتج الأجسام البسيطة.
646 - 4 الثاني: ان تعين العرش من مجموع القلم واللوح لا من القلم فقط، لقوة نوريته ووحدته، كما مر: ان تثليث ابعاده لتثليث مرتبته، مع أن نسبته إلى القلم أظهر.
647 - 4 الثالث: ان كون العرش مظهر قدرته وقهره وآلة حكمته ومحل ظهور احكامه المذكورة انما هو لان روحه وعلته أشرف الأرواح والعلل قاهر لسائرهما، فالقاعدة الاشراقية ان ما في العالم العقلي يسرى إلى العالم الحسى والمثالي على مناسبات محفوظة، فالمشتركات بإزاء المشتركات والمفترقات بإزاء المفترقات، كما أشار إليه الحديث النبوي (ص) بقوله: الأرواح جنود مجندة... الحديث.
648 - 4 وذلك لان الذوات العقلية وهيئاتها كلها متناسبة مترتبة محفوظة، وتلك الذوات بهيئاتها ومناسباتها علة للجسمانيات وهيئاتها، لان العالم الجسماني ظل العقلي،