والسماوات والمولدات التي مآل تراكيبها إلى فساد وانتقال، وما من فلك أوجده الحق تعالى الا وقد جعل سبحانه للملكين الكريمين: القلم واللوح توجها إليه يخلق عند التوجه ما شاء ان يخلقه مما شاء ان يتوجه إليه - لا بالتوجه - لأنه يتعالى عن المعين والاحكام والأسباب، إذ هو الناصب والخالق لها، وهو كخلق الله تعالى أعمالنا المرادة لنا بخلق الإرادة فينا ثم بخلق التوجه والعمل عند ارادتنا، فلا خالق الا هو، هو الذي أعطاه دليلي وكشفي، وعليه اعتقادي واسأل الله تعالى الثبات عليه ولا قديم الا هو.
698 - 4 فجعل للنفس الكلية توجها من حيث ايجاد الاجرام النورية وغيرها، حتى إذا حصل الاستعدادات بحسب مراتبهم المقدرة توجه العقل الذي هو القلم عن إدارة الواحد بوجه النفخ، فاوجد الله تعالى الأرواح الفلكية في الاشخاص الفلكية، فقامت حية ناطقة بالثناء.
699 - 4 وفرق بين النفخ والدعاء، فان النفخ ايجاد مخصوص يجرى في البدء والإعادة، كما قال تعالى في عيسى: فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني (110 - المائدة) وليس الدعاء الا إعادة فساد التركيب مع بقاء الاجزاء، كما قال تعالى في إبراهيم: ثم ادعهن يأتينك سعيا (260 - البقرة) 700 - 4 ثم انصرف التوجه الإلهي فاوحى إلى النفس الذي هو اللوح ان ينحدر بالتدبير في عمق الجسم إلى أقصاه وهو المركز، وهو محل نظر العنصر الأعظم الذي خلق العقل من التفاتته وانحدر إليه فوجد نظر العنصر الأعظم إليه، وان أمر الكون المدبر كله منه صدر وإليه يعود حكمة بالغة.
701 - 4 وأدار كرة الأرض وكانت هذه الحركة من هذا الملك بطالع السرطان وجعل مما يلي المركز صخرة عظيمة كرية، وفي نقطة تلك الصخرة الصماء حيوانا في فمه ورقة خضراء يسبح الله ويمجده - وهو الحيوان الأشرف - وعمر هذه الأرض بالناشرات، ومقدمهم ملك اسمه قاف وإليه ينسب الجبل المحيط، فان ذلك الجبل مقعده وبيده حكم الأرض والزلازل والخسف وكل ما يحدث في الأرض فزمامه بيده.