كان في الجنة الأنهار والرياح والشجر والحور والقصور والولدان والأكل والشرب والنكاح والانتقالات من حال إلى حال على أهل الطبيعة، الا ان الامر ثابت في عين الحوامل والقوابل - لحفظ الاعتدال - فلا يستحيلون ابدا ولكن يختلف عليهم الصور والحالات والاشكال والمطاعم والملابس والمناكح والاعراض.
606 - 4 هذا ما نقلناه عن لفظ الشيخ الكبير رضي الله عنه في صفة الأفلاك الأربعة الدائمة.
607 - 4 فان قلت: عبارات شيخنا قدس سره في مفتاح الغيب والتفسير والفكوك وشرح الحديث وغيرها يشعر بان الفلك الثابت الدائم هو العرش والكرسي ليس الا وان الجنة بينهما موافقا لما جاء في الحديث: سقف الجنة عرش الرحمن وان مقعر الكرسي وما تحته طبقات جهنم، وان جرم الكرسي هو الأعراف، فكيف التوفيق بينه وبين ما ذكره الشيخ الكبير رضي الله عنه هنا وفي الفصوص وغيره من أن الأفلاك الأولية الثابتة الدائمة الأربعة؟
608 - 4 قلت: كما أن ظاهر لفظ شيخنا انها فلكان لا غير، كذلك ظاهر لفظ الشيخ الكبير رضي الله عنه انها أفلاك أربعة متباينة وأجسام متناضدة، لهذا قال: لا يمكن معرفتها الا بالكشف أو خبر الصادق، ولا يطلع عليها بالرصد، وكذا ما يشعر به كلام الشارح الجندي في تعيين العرش والكرسي: انها أربعة متباينة وأجسام متناضدة، لكن الشارح الفرغاني ذكر في ديباجة شرح القصيدة: ان كلا من العرش والكرسي اعتبر صورتهما المثالية تارة بحكم المرتبة التي ظهرت الهيئة فيها فسميتا العرش والكرسي، واعتبر صورتهما الجسمانية المركبة من الطول والعرض والعمق أخرى، فسمى العرش باعتبارها فلك الأفلاك والفلك الأطلس والمحدد، وسمى الكرسي باعتبارها فلك الكواكب والمنازل.
609 - 4 وهذا مما يوفق بين كلامي الشيخين ويبين ان شيخنا قدس سره كما هو عادته نص على حقيقة الحال ولم يفصل حسب اعتباري الشئ الواحد في الأقوال، وأشار بذلك ان كلام الشيخ الكبير رضي الله عنه راجع إلى هذا في المآل، وذلك لما حكى ان شيخنا قدس سره