455 - 4 والقسم الثالث من صار قلبه مستوى الحق لا ينطبع في قلبه غالبا أمر من خارج، بل من قلبه يكون المنبع، والانطباع الأول في الدماع فيحكيه الخيال بصورة تناسبه فيحتاج إلى التعبير البتة. ولما اعتاد الخليل عليه السلام الحالة الأولى وشاء الحق ان ينقله إلى مقام من وسع قلبه الحق، كان انطباع ما انبعث من قلبه الإلهي إلى دماغه انطباعا واحدا فلم يظهر بصورة الأصل، فاحتاج إلى التأويل المعرب عن الامر المراد بذلك التصوير على نحو تعينه في المقام العلوي وذوات العقول والنفوس تعينا روحانيا أو على نحو انبعاثه من القلب المتوحد الكثرة بصفة أحدية الجمع، فعلم أن كل خيال مقيد حكم من احكام الاسم الباطن تجسد في عالم المثال تجسدا صحيحا لصحة العلم والقوى المحاكية، ثم تجسد في كل خيال مقيد بحسب القوة المصورة والمحل وأحوال المدرك والصفات الغالبة عليه زمان الادراك.
456 - 4 واعلم أن الرؤيا التي يحتاج إلى التأويل يكون لأنزل الطوائف ويكون لأكمل الخلق، والتي لا تأويل لها حال المتوسطين.
457 - 4 اما تأخر ظهور حكم المنام فدليل على علو مرتبة النفس، لأنها أدركت ما سيكون في العوالم العالية القريبة من حضرة العلم، إذ لا بد من مكثه في كل سماء إلى أن ينصبغ بحكمه ويأخذ حصته من ذلك الفلك وما فيه، فان لكل كائنة تظهر من حيث انفصاله المعنوي من مقام القلم واللوح والعرش والكرسي في كل سماء مقاما. وقد ورد في الحديث: ان الامر الإلهي يبقى في الجو بعد مفارقة السماء الدنيا ثلاث سنين حتى يصل إلى الأرض، وهذا من المكاشفات المجربة، فسرعة ظهور حكمها دليل ضعف نفس الرائي - وان صعدت - فإنها لا تقوى على الترقي، بل كان غاية عروجها حال الاعراض عن التعلقات الجو الذي بين الأرض والفلك الأول. هذا ما تيسر نقله من كلام الشيخ قدس سره.
458 - 4 وانا أقول: قال بعض المتفكرين: ان القوة الخيالية التي للنفس الكلية هي محل عالم المثال، وكأنه قاله، لكون اللوح المحفوظ جملة تفصيل ما يكتبه القلم مما كان وما يكون