462 - 4 فقيل: القول بوجود المثل هو القول بكون الماهية المادية أو المتكثرة الافراد بتكثر المواد مجردة في نفسها عن جميعها، فيكون للموجودات التعليمية أو الطبيعية - لا الإلهية - ومنهم من يثبته لكلاهما، ومنهم من يخصه بالطبيعيات ويقسمها إلى قسمين: أحدهما معقول أبدى، والاخر محسوس فاسد، والعقل انما يتعقل لابدي - دون الفاسد - وسمى المعقول المفارق مثالا وإليه ميل أفلاطون على ما حكاه ابن سينا، ومنهم من يعكسه، بناء على أن الطبيعيات لو جردت عن المادة صارت تعليميات، فلا معقول الا للتعليمي، ومنهم من ينفيهما، كالمعلم الأول واتباعه المشائين وسيندفع شبههم.
463 - 4 واحدث صاحب الاشراق ومن تبعه من متألهة المتأخرين ان المثل انما تكون للأجسام، فإن كان الجسم نوعا فمثاله المفارق معقول يسمى رب الصنم وهو المثال الإفلاطوني وهو عقل من طبقة العقول العرضية الواقعة في الشرف والتجرد عن المواد فوق طبقة النفوس وتحت طبقة العقول الطولية وهو فاعل وجود النوع المعتنى بشأنه - الحافظ له - والنوع كالظل والرسم والعكس له، وإن كان شخصا فمثاله المفارق متخيل هو المثال المعلق والشبح الخيالي الواقع في الشرف والتجرد تحت عالم النفس وفوق عالم الحس (1).
464 - 4 والمحققون على: ان المثال لا يختص بطبيعة دون أخرى، بل طبيعة كل موجود مجرد عن المادة هي مثال نوري مطابق لافرادها، فالحقيقة التي لا توجد الا مجردة يكون مثالها عين الممثل، والتي توجد مجردة ومقارنة للمادة يكون المثال فيها أول ما يوجد ويتحقق الحقيقة فيه من الافراد وسيظهر في أزلية الوجود المطلق، ثم صفات المظاهر الخارجية تكون صفات المثال ومن الحقائق التابعة في العالم العقلي كما هي صفات أعيانها في العالم الحسى.